للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويرد الثمر إن كان باقياً، وبدله إن تلف. وإن غرس أو بنى في أرض غيره بغير إذنه، فطلب صاحب الأرض قلع ذلك، لزمه؛ لا نعلم فيه خلافاً، لقوله: "ليس لعِرق ظالم حق". ١ فإن أراد صاحب الأرض أخذه بغير عوض فليس له. وإن طلبه بالقيمة وأبى مالكه، فله ذلك لأنه ملكه فملك نقله.

وإذا غصب أرضاً، فحكمها في دخول غيره إليها حكمها قبل الغصب. فإن كانت محوطة كالدار، لم يجز دخولها إلا بإذن. قال أحمد في الضيعة تصير غيضة فيها سمك: لا يصيد فيها أحد إلا بإذنهم. وإن كانت صحراء جاز الدخول فيها ورعي حشيشها، قال أحمد: لا بأس برعي الكلإ في الأرض المغصوبة. وإن غصب ثوباً فقصره أو شاة فذبحها، رد ذلك بزيادته وأرش نقصه. وقال أبو حنيفة في هذه المسائل: ينقطع حق صاحبها عنها، لأن الغاصب لا يجوز له التصرف فيها إلا بالصدقة، إلا أن يدفع قيمتها فيملكها، لقوله في الشاة: "أطعموها الأسارى" ٢.

ويضمن زوائد الغصب كالولد والثمرة، وبه قال الشافعي. وقال مالك وأبو حنيفة: لا يضمن زوائد الغصب، إلا أن يطالب بها فيمتنع من أدائها، لأنها غير مغصوبة.

وإن وطئ الجارية، فعليه الحد والمهر وأرش البكارة، وإن كانت مطاوعة. وقال الشافعي: لا مهر للمطاوعة، للنهي عن مهر البغي.

قال أحمد في رجل يجد سرقته عند إنسان بعينها: هو ملكه يأخذه، أذهب إلى حديث سمرة، رفعه: "من وجد متاعه عند رجل، فهو أحق به، ويتبع المبتاع من باعه". ٣ رواه هشيم عن موسى بن السائب عن قتادة عن سمرة، وموسى بن السائب ثقة.

وإن تلف المغصوب، ضمنه بمثله إن كان مكيلاً أو موزوناً، قال ابن عبد البر: كل مطعوم من مأكول أو مشروب مجمع على أنه يجب على مستهلكه مثله، لا قيمته، وإن لم يكن مثلياً ضمنه بقيمته، لقوله:


١ الترمذي: الأحكام (١٣٧٨) , وأبو داود: الخراج والإمارة والفيء (٣٠٧٣) .
٢ أبو داود: البيوع (٣٣٣٢) , وأحمد (٥/٢٩٣) .
٣ أبو داود: البيوع (٣٥٣١) , وأحمد (٥/١٠) .

<<  <   >  >>