للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمر قال: "صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة وسجدتين، والطائفة الأخرى مواجهة العدو. ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم مقبلين على العدوّ، وجاء أولئك ثم صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة، ثم سلّم. ثم قضى هؤلاء ركعة، وهؤلاء ركعة". ١ متفق عليه.

وقال أبو حنيفة: يصلي بإحدى الطائفتين ركعة، والأخرى مواجهة العدوّ. ثم تنصرف التي صلت معه إلى وجه العدو وهي في صلاتها، ثم تجيء الأخرى فتصلي معه الركعة الثانية. ثم يسلم الإمام، وترجع إلى وجه العدو وهى في الصلاة. ثم تأتي الطائفة الأولى إلى موضع صلاتها فتصلي ركعة منفردة لا تقرأ فيها، لأنها في حكم الائتمام. ثم تنصرف إلى وجه العدو. ثم تأتي الأخرى فتفعل كذلك، إلا أنها تقرأ لأنها فارقت الإمام.

ولنا: ما روى صالح بن خوات عمن صلّى مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف: "أن طائفة صفّت معه وطائفة وجاه العدوّ، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائماً، وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا، وصفّوا وجاه العدو. وجاءت الطائفة الأخرى، فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالساً، وأتموا لأنفسهم. ثم سلم بهم". ٢ رواه مسلم. وروى سهل بن أبي حثمة مثله.

وهذا أشبه بكتاب الله، فإن قوله تعالى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} ٣ يقتضي أن جميع صلاتها معه. وعنده: تصلي ركعة معه فقط، وعندنا: جميع صلاتها معه: إحدى الركعتين توافقه في أفعاله، والثانية تأتي بها قبل سلامه ثم تسلم معه.

ومن مفهوم قوله: {لَمْ يُصَلُّوا} أن الأولى قد صلّت جميع صلاتها، وعلى قولهم لم تصلّ إلا بعضها.

وإن خاف وهو مقيم، صلى بكل طائفة ركعتين. وصلاة الخوف جائزة في الحضر، وبه قال الشافعي. وعن


١ مسلم: صلاة المسافرين وقصرها (٨٣٩) , والترمذي: الجمعة (٥٦٤) , والنسائي: صلاة الخوف (١٥٤٠) , وأحمد (٢/١٥٠) .
٢ البخاري: المغازي (٤١٣١) , ومسلم: صلاة المسافرين وقصرها (٨٤٢) , والترمذي: الجمعة (٥٦٥) , والنسائي: صلاة الخوف (١٥٣٦, ١٥٥٣) , وأبو داود: الصلاة (١٢٣٨) , وابن ماجة: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٥٩) , وأحمد (٣/٤٤٨) , ومالك: النداء للصلاة (٤٤١) , والدارمي: الصلاة (١٥٢٢) .
٣ سورة النساء آية: ١٠٢.

<<  <   >  >>