والوجه السادس: أن يصلي بكل طائفة ركعة ولا تقضي شيئاً، لحديث ابن عباس يوم ذي قرد، رواه الأثرم. ولأبي داود نحوه من حديث حذيفة، وروي مثله عن زيد بن ثابت وأبي هريرة. قال أبو داود في السنن: هو مذهب ابن عباس وجابر. قال جابر:"إنما القصر ركعة عند القتال". وقال طاووس والحسن ومجاهد وقتادة: ركعة في شدة الخوف يومئ إيماء. وقال إسحاق: يجزيك عند الشدة ركعة تومئ إيماء، فإن لم تقدر فسجدة واحدة، فإن لم تقدر فتكبيرة. وهذه الصلاة يقتضي عموم كلام أحمد جوازها، لأنه ذكر ستة أوجه، ولا أعلم وجهاً سادساً سواها، وأصحابنا ينكرون ذلك، قال القاضي: لا تأثير للخوف في عدد الركعات، وهذا قول أكثر أهل العلم، والذي قال: ركعة، إنما جعلها عند شدة القتال.
وإذا كان الخوف شديداً وهم في حال المسايفة، صلوا رجالاً وركباناً، إلى القبلة وإلى غيرها، يؤمئون إيماء، ويكرّون ويفرُّون، ولا يؤخرون الصلاة؛ وهذا قول أكثر أهل العلم. وقال أبو حنيفة: لا يصلي مع المسايفة ولا مع المشي، "لأنه صلى الله عليه وسلم لم يصلّ يوم الخندق، وأخّرها". ولنا: قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} ، ١ قال ابن عمر:"فإن كان خوفاً أشد من ذلك، صلّوا رجالاً قياماً على أقدامهم، وركباناً، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها". متفق عليه، "ولأنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بالمشي إلى وجاه العدو، ثم يعودون لما بقي"؛ وهذا مشي كثير وعمل طويل واستدبار القبلة. ومن العجب أن أبا حنيفة اختار هذا الوجه دون سائر الوجوه التي لا تشتمل على العمل وسوَّغه، مع إمكان الصلاة بدونه، ثم منعه في حال لا يقدر إلا عليه! وكان