للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أسيراً مسلماً نص عليه. وهل يجوز أن يشتري منها رقبة يعتقها؟ فعنه: "يجوز"، وبه قال ابن عباس ومالك، لعموم قوله: {وَفِي الرِّقَابِ} . ١ وعنه: لا، وهو قول الشافعين لأن الآية تقتضي صرفها إلى الرقاب، والعبد لا يدفع إليه شيء. قال أحمد: كنت أقولُ: يعتق من الزكاة، ولكن أهابه اليوم لأنه يجر الولاء. قيل له: فما يعجبك من ذلك؟ قال: يعين في ثمنها، فهو أسلم. وبه قال أبو حنيفة وصاحباه، لأنه ينتفع بالولاء، ولا يجوز أن يشتري منها من يعتق عليه، وأجازه الحسن.

السادس: (الغارمون) ، وهم المدينون؛ فالغارمون لإصلاح نفوسهم لا خلاف في استحقاقهم، وأن العاجز عن وفاء ديْنه منهم. لكن من غرم في معصية، لم تدفع إليه قبل التوبة. والغارمون لإصلاح ذات البين، مثل من يحمل الدماء والأموال، وكانت العرب تعرف ذلك، فورد الشرع بإباحة المسألة فيها، وفي حديث أبي سعيد: "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة"، ٢ فذكر منهم الغارم.

السابع: (في سبيل الله) ، ولا خلاف فيهم، ولا خلاف أنهم الغزاة؛ وإنما يستحقه الذين لا ديوان لهم. قال أحمد: يعطى ثمن الفرس، ولا يتولى مخرج الزكاة شراء الفرس بنفسه، لأن الواجب إيتاء الزكاة؛ فإذا اشترى بنفسه فما أعطي إلا فرساً. وقال في موضع آخر: إن دفع ثمن الفرس والسيف، فهو أعجب إلي، وإن اشتراه رجوت أن يجزئه. وقال: لا يشتري فرساً يصير حبيسا في سبيل الله، ولا دارا ولا ضيعة للرباط، لأنه لم يؤت الزكاة لأحد،


١ سورة التوبة آية: ٦٠.
٢ أبو داود: الزكاة (١٦٣٥) , وابن ماجة: الزكاة (١٨٤١) , وأحمد (٣/٥٦) , ومالك: الزكاة (٦٠٤) .

<<  <   >  >>