للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدية الشعر، فيما دون الثلاث، وفيما يجب فيها؛ وهو قول الشافعي. وقال أبو حنيفة: لا تجب الفدية إلا بتقليم يد كاملة. وإن حلق رأس حلال أو قلم أظفاره، فلا فدية عليه. وقال سعيد بن جبير في محرم قص شارب حلال: يتصدق بدرهم. ولا فرق بين حلق الشعر وإزالته بغيره، لا نعلم فيه خلافاً.

وشعر الرأس والبدن واحد في وجوب الفدية، في قول الأكثر، خلافاً لداود. وإن خرج في عينيه شعر فقلعه، أو نزل شعر فغطى عينه، أو انكسر ظفر فقصه، أو قلع جلدا عليه شعر، فلا فدية عليه. فإن كان الأذى من غير الشعر، كالقمل والقروح، أزاله وفدى. وقال ابن القاسم صاحب مالك: لا فدية عليه.

وأجمعوا على أنه ممنوع من تغطية رأسه، والأذنان منه يحرم تغطيتهما، وأباحه الشافعي. ولنا: قوله: "الأذنان من الرأس"، ١ ويمنع من تغطية بعضه كأجمعه لأن الله حرم حلقه ولا يجوز حلق بعضه، وسواء غطاه بمعتاد أو غيره كعصابة، فإن فعل ففيه الدم. وكره أحمد الاستظلال بالمحمل وما في معناه على البعير، ورخص فيه الشافعي، لحديث ستر أسامة أو بلال بالثوب. واحتج أحمد بـ"نهي ابن عمر عن مثل ذلك". والحديث الذي ذكروا ذهب إليه أحمد، فلم يكره الاستتار بالثوب، فإنه لا يقصد الاستدامة، فإن فعل فلا فدية عليه. قال أحمد: أما الدم فلا، وعنه: يجب، وهو قول أهل المدينة. وإن حمل على رأسه شيئاً فلا فدية عليه، وبه قال مالك. وقال الشافعي: يفدي. وإن طلى رأسه بعسل أو صمغ ليجمع الشعر فلا يصيبه الشعث جاز، وهو التلبيد الذي في حديث ابن عمر: "رأيته يهلّ ملبّداً". ٢ وإن طرح على شجرة ثوبا يستظل به فلا بأس إجماعاً، لقول جابر: "أمر بقبة فضربت له" ٣.

وفي


١ الترمذي: الطهارة (٣٧) , وابن ماجة: الطهارة وسننها (٤٤٤) .
٢ البخاري: الحج (١٥٤٠) واللباس (٥٩١٤) , والنسائي: مناسك الحج (٢٦٨٣) , وأبو داود: المناسك (١٧٤٧) , وابن ماجة: المناسك (٣٠٤٧) .
٣ ابن ماجة: المناسك (٣٠٤٧) .

<<  <   >  >>