للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويكره له الخطبة وخطبة المحرمة، وأن يخطب للمحلين، للحديث. ويكره أن يشهد في النكاح، فإن فعل لم يفسد النكاح، وقيل: بلى، لأن في بعض الألفاظ: "ولا يشهد". ولنا: أن هذه زيادة غير معروفة، فلا يثبت بها حكم.

قال ابن المنذر: "أجمعوا على أن الحج لا يفسد بإتيان شيء في حال الإحرام، إلا الجماع؛ والأصل فيه ما روي عن ابن عمر وابن عباس"، ولم يعرف لهما مخالف. قال ابن المنذر: قول ابن عباس أعلى شيء روي فيمن وطئ في حجه؛ فإن كان قبل التحلل الأول فسد الحج، قبل الوقوف أو بعده، وهو قول الأكثر. وقال أصحاب الرأي: لا يفسد بعد الوقوف، لقوله: صلى الله عليه وسلم "الحج عرفة". ١ ولنا: قول الصحابة، وهو إطلاق فيمن جامع محرماً، وقوله: "الحج عرفة"، ٢ أي: معظمه، أو أنه ركن متأكد، ولا يلزم من أمن الفوات أمن الفساد، بدليل العمرة، والعمد والنسيان سواء، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي في القديم. وقال في الجديد: لا يفسد الحج مع النسيان، ولا يجب فيه شيء. وحكاه ابن عقيل رواية، لقوله " عُفي لأمتي" الحديث. ولنا: أن الصحابة لم يستفصلوا.

ويجب به بدنة، وبه قال مالك والشافعي. وقال إسحاق: بدنة، فإن لم يجد فشاة. وحكم المرأة حكم الرجل في فساد الحج، وحكم المكرهة والنائمة حكم المطاوعة، لا نعلم فيه خلافاً. وعليهما المضي في فاسده، وقال مالك: يجعل الحج عمرة، ولا يقيم على حجة فاسدة. وقال داود: يخرج بالإفساد من الحج العمرة، لقوله: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو ردّ ". ٣ ولنا: قوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ، ٤ ولأنه قول من سمّينا من الصحابة، ولم يعرف لهم مخالف. والخبر لا دليل فيه، لأن المضي فيه بأمر الله، ويلزمه


١ الترمذي: الحج (٨٨٩) , والنسائي: مناسك الحج (٣٠٤٤) , وأبو داود: المناسك (١٩٤٩) , وابن ماجة: المناسك (٣٠١٥) , وأحمد (٤/٣٠٩, ٤/٣٣٥) , والدارمي: المناسك (١٨٨٧) .
٢ الترمذي: الحج (٨٨٩) , والنسائي: مناسك الحج (٣٠٤٤) , وأبو داود: المناسك (١٩٤٩) , وابن ماجة: المناسك (٣٠١٥) , وأحمد (٤/٣٠٩, ٤/٣٣٥) , والدارمي: المناسك (١٨٨٧) .
٣ البخاري: الصلح (٢٦٩٧) , ومسلم: الأقضية (١٧١٨) , وأبو داود: السنة (٤٦٠٦) , وابن ماجة: المقدمة (١٤) , وأحمد (٦/٧٣, ٦/١٤٦, ٦/١٨٠, ٦/٢٤٠, ٦/٢٥٦, ٦/٢٧٠) .
٤ سورة البقرة آية: ١٩٦.

<<  <   >  >>