للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلم سلكها". والسنة أن لا يصلي المغرب إلا بمزدلفة، فيجمع بين المغرب والعشاء بغير خلاف. ويجمع قبل حط الرحال، ويقيم لكل صلاة إقامة. "وممن روي عنه الجمع بينهما بإقامتين بلا أذان: ابن عمر وسالم" والقاسم والشافعي وإسحاق. و"إن اقتصر على إقامة الأولى، فلا بأس؛ روي عن ابن عمر". و"إن أذن للأولى وأقام الثانية فحسن"، وهو في حديث جابر، وبه قال ابن المنذر، وقال: الأولى آخر قولي أحمد، لأنها رواية أسامة، وهو أعلم بحاله لكونه رديفة. وإنما لم يؤذن للأولى لأنها في غير وقتها، بخلاف المجموعتين بعرفة. وقال مالك: "يجمع بينهما بأذانين وإقامتين، روي عن عمر وابن مسعود"، واتباع السنة أولى. قال ابن عبد البر: لا أعلم فيما قال مالك حديثاً مرفوعاً. وقال قوم: "إنما أمر عمر بالتأذين للثانية، لأن الناس تفرقوا لعشائهم، وكذلك ابن مسعود، فإنه يجعل العشاء بمزدلفة بين الصلاتين"، والسنة أن لا يتطوع بينهما. قال ابن المنذر: لا يختلفون في ذلك. وإن صلى المغرب في الطريق ترك السنة وأجزأه، وبه قال مالك والشافعي. وقال الثوري: لا يجزئه، ولا نعلم خلافاً أنه إذا فاته الجمع مع الإمام بمزدلفة أنه يجمع وحده، وكذلك لو فرق لم يبطل الجمع لقوله: "ثم أناخ كل إنسان بعيره ثم صلى العشاء"، و"كذا إن فاته الجمع مع الإمام بعرفة بين الظهر والعصر، فعله ابن عمر"، وبه قال مالك والشافعي. وقال الثوري: له لا يجمع إلا مع الإمام.

والمبيت بمزدلفة واجب، من تركه فعليه دم، وقال علقمة: فاته الحج، لقوله: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} ، ١ ولقوله: "من صلى صلاتنا هذه ووقف معنا ... إلخ"، ٢ ومنطوق الآية ليس بركن إجماعاً، فإنه لو بات ولم يذكر الله ولم يشهد الصلاة، صح حجه، وكذلك شهود صلاة


١ سورة البقرة آية: ١٩٨.
٢ الترمذي: الحج (٨٩١) , والنسائي: مناسك الحج (٣٠٣٩, ٣٠٤٠, ٣٠٤١, ٣٠٤٢, ٣٠٤٣) , وأبو داود: المناسك (١٩٥٠) , وابن ماجة: المناسك (٣٠١٦) , وأحمد (٤/١٥, ٤/٢٦١, ٤/٢٦٢) , والدارمي: المناسك (١٨٨٨) .

<<  <   >  >>