للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أحدها) : إذا تقابل الصفان، حرم على من حضر الانصراف، لقوله: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} ، ١ وقوله: {فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} ٢.

(والثاني) : إذا نزل العدوّ ببلد، تعيّن على أهله قتالهم.

(الثالث) : إذا استنفرهم الإمام.

وهو أفضل ما تطوع به، وغزو البحر أفضل، لقصة أم حرام.

وقتال أهل الكتاب أفضل. وكان ابن المبارك يأتي من مرو لغزو الروم، فقيل له في ذلك، فقال: إنهم يقاتلون على دين.

ويغزو مع كل بر وفاجر، سئل أحمد عمن قال: لا أغزو، يأخذه ولد العباس، إنما يوفر الفيء عليهم، فقال: سبحان الله! هؤلاء قوم سوء، هؤلاء القعدة المثبطون جهال. فيقال لهم: أرأيتم لو أن الناس كلهم قعدوا كما قعدتم، من كان يغزو؟ أليس كان قد ذهب الإسلام؟ ما كانت تصنع الروم؟ قال الله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ} ، ٣ قال أحمد: لا يعجبني أن يخرج مع الإمام أو القائد إذا عرف بالهزيمة وتضييع المسلمين، وإنما يغزو مع من له شفقة وحيطة على المسلمين. وإن كان يعرف بشرب الخمر أو الغلول يغزى معه، إنما ذلك في نفسه. ويقاتل كل قوم من يليهم، لقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} الآية ٤.

وتعجب أحمد من فعل ابن المبارك فقال: كيف هذا، ولو أن أهل خراسان فعلوه، لم يجاهد الترك أحد، ولعله فعله لكونه متبرعاً بالجهاد.

وأمر الجهاد موكول إلى الإمام، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه، فإن أمّر


١ سورة الأنفال آية: ٤٥.
٢ سورة الأنفال آية: ١٥.
٣ سورة البقرة آية: ٢٥١.
٤ سورة التوبة آية: ١٢٣.

<<  <   >  >>