للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مكحول: يا غساني، ألا تأتينا من لحمها؟ فقال: ألا ترى ما عليها من النهباء؟ فقال: لا نهباء في المأذون فيه".

وأما الزرع والشجر فثلاثة أقسام:

أحدها: ما يحتاج إلى إتلافه كما قرب من الحصون، أو يفعلونه بنا، فنفعله بهم؛ فهذا يجوز ولا خلاف فيه.

والثاني: ما يتضرر المسلمون بقطعه للاستظلال به والأكل من ثمره، أو إذا فعلناه فعلوه بنا، فهذا يحرم للإضرار بالمسلمين.

والثالث: ما لا ضرر فيه ولا نفع سوى غيظهم والإضرار بهم، ففيه روايتان: إحداهما: لا يجوز، لوصية أبي بكر، وبه قال الأوزاعي والليث. والثانية: يجوز، وبه قال مالك والشافعي وابن المنذر. وقال إسحاق: التحريق سنة إذا كان أنكى في العدو، لقوله: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا} الآية. ١ ومتى قدر على العدو لم يجز تحريقه بغير خلاف. "وكان أبو بكر أمر بتحريق أهل الردة، وفعَله خالد بأمره"، فأما اليوم فلا نعلم فيه مخالفاًً. وأما رميهم بالنار عند العجز عنهم، فجائز في قول أكثر أهل العلم، قال عبد الله بن قيس: لم يزل أمر المسلمين على ذلك، وكذلك فتح الثقوب عليهم لغرقهم؛ وإن قدر عليهم بغيره لم يجز إذا تضمن إتلاف النساء والذرية. وإذا ظفر بهم، لم يجز قتل الصبي الذي لم يبلغ بغير خلاف. ولا تقتل امرأة ولا شيخ، وبه قال مالك. وقال الشافعي في أحد قوليه وابن المنذر: يجوز قتل الشيوخ، لقوله: "اقتلوا شيوخ المشركين، واستحيوا شرخهم"؛ ٢ قال ابن المنذر: لا أعرف حجة يستثنى


١ سورة الحشر آية: ٥.
٢ الترمذي: السير (١٥٨٣) , وأبو داود: الجهاد (٢٦٧٠) .

<<  <   >  >>