وقال في الاعتصام بالكتاب والسنة: من أخذها من الجميع، أو سوَّى بين المجوس وأهل الكتاب، فقد خالف الكتاب والسنة. وليس للإمام نقض عهدهم وتجديد الجزية عليهم، لأن عقد الذمة مؤبد، وقد عقده عمر معهم. واختار ابن عقيل جواز ذلك لاختلاف المصلحة باختلاف الأزمنة. وقد فعله عمر بن عبد العزيز، واختاره الشيخ. ويكون العقد لازماً على الصحيح، يعني: عقد الهدنة، قال الشيخ: ويكون أيضاً جائزاً، فإن زاد على عشر سنين بطل في الزيادة. وإن هادنهم مطلقاً لم يصح. وقال الشيخ: يصح، وتكون جائزة ويعمل بالمصلحة، لأن الله أمر بنبذ العهود المطلقة وإتمام المؤقتة. وإن قال: هادنتكم ما شئنا أو شاء فلان، لم يصح، وقيل: يصح. ولو قال: نقرّكم ما أقرّكم الله، لم يصح، وقال الشيخ: يصح. وإن منعناه في قوله: ما شئنا. قوله: ويأمره سراً بقتالهم والفرار منهم، قال في الترغيب وغيره: يعرِّض له أن لا يرجع إليهم. وإن سباهم كفار لم يجز لنا شراؤهم، وذكر الشيخ رواية منصوصة: يجوز شراؤهم من سابيهم. وفي الهدي في غزوة الفتح: أن أهل العهد إذا حاربوا من في ذمة الإمام، صاروا بذلك أهل حرب، فله أن يبيّتهم، وإنما يعلمهم إذا خاف منهم الخيانة، وأنه ينتقض عهد الجميع إذا لم ينكروا عليهم.
ومتى مات الإمام أو عُزل لزم مَن بعده الوفاء بعقده، لأنه لا ينتقض باجتهاد غيره، وجوَّز ابن عقيل وغيره نقض ما عقد الخلفاء الأربعة، نحو صلح تغلب، لاختلاف المصالح باختلاف الأزمنة.
ولا جزية على راهب، وقيل: بلى. ولا يبقي بيده مالاً إلا بُلْغته فقط، ويؤخذ ما بيده، قاله الشيخ. وقال: يؤخذ منهم ما لنا كالرزق الذي للديور والمزارع إجماعاً. [وقال: من له تجارة أو زراعة وهو مخالط لهم أو معاونهم