للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بها روايتان: روي عنه: أنه لا يجوز، لقوله: "وإن كان مائعاً، فلا تقربوه". وعنه: "إباحته، لأنه يروى عن ابن عمر"، وهو قول الشافعي. وكره أحمد أن يدهن منه الجلود، وقال: لا يجعل منه الأسقية. ونقل عن ابن عمر: "أنه يدهن بها الجلود"، وعجب أحمد من هذا. ولا يجوز بيع الترياق الذي فيه لحوم الحيات، لأن نفعه بالأكل، وهو محرم ولا يجوز التداوي به ولا بسمّ الأفاعي. فأما سم النبات، فإن أمكن التداوي بيسيره، جاز بيعه.

(الرابع) : أن يكون مملوكاً له أو مأذوناً له في بيعه، فإن باع ملك غيره أو اشترى بعين ماله شيئاً بغير إذنه، لم يصح، وعنه: يصح، ويقف على إجازة المالك. والأولى: مذهب الشافعي وابن المنذر. والثانية: قول مالك وإسحاق، وبه قال أبو حنيفة في البيع، وأما الشراء فيقع عنده للمشتري بكل حال، لما روى عروة البارقي: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ديناراً ليشتري به شاة، فاشترى به شاتين ثم باع إحداهما في الطريق بدينار، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بالدينار والشاة، فقال: بارك الله لك في صفقة يمينك ". ١ ووجه الأولى: قوله صلى الله عليه وسلم لحكيم: "لا تبع ما ليس عندك"، ٢ ذكره جواباً له حين سأله أنه يبيع الشيء ويمضي ويشتريه ويسلّمه، وحديث عروة نحمله على أن وكالته مطلقة، لأنه سلّم وتسلّم، وليس ذلك لغير المالك أو وكيله باتفاقنا.

وإن اشترى في ذمته شيئاً لإنسان بغير إذنه صح، سواء نقد الثمن من مال الغير أم لا؛ فإن أجازه لزمه، وإلا لزم من اشتراه. وإن باع سلعة وصاحبها ساكت، فحكمه حكم ما لو باعها بغير إذنه، في قول الأكثرين. وقال ابن أبي ليلى: سكوته إقرار، لأنه يدل على الرضى، كسكوت البكر. ولنا: أن السكوت محتمل، فلم يكن إذناً، كسكوت الثيب. ولا يجوز بيع ما لا يملكه


١ البخاري: المناقب (٣٦٤٣) , والترمذي: البيوع (١٢٥٨) , وأبو داود: البيوع (٣٣٨٤) , وابن ماجة: الأحكام (٢٤٠٢) .
٢ الترمذي: البيوع (١٢٣٢) , والنسائي: البيوع (٤٦١١, ٤٦١٣) , وأبو داود: البيوع (٣٥٠٣, ٣٥٠٤) , وابن ماجة: التجارات (٢١٨٨) , وأحمد (٢/١٧٤, ٢/٢٠٥, ٣/٤٠٢, ٣/٤٣٤) .

<<  <   >  >>