للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روي ذلك عن علي، لأن الوطء كالجناية، لأنه لا يخلو في ملك الغير من عقوبة أو مال. وقال شريح وابن المسيب: يردها ومعها أرش، واختلفوا فيه.

ولو اشتراها مزوّجة فوطئها الزوج، لم يمنع الرد، بغير خلاف نعلمه. وإن وطئ البكر أو تعيبت عنده فله الأرش. وعنه: أنه مخير بين الأرش وبين الرد، وأرش العيب الحادث عنده ويأخذ الثمن.

وكذلك كل مبيع كان معيباً، ثم حدث به عيب عند المشتري، قبل علمه بالأول، ففيه روايتان: إحداهما: ليس له الرد، وله أرش العيب القديم، روي عن ابن سيرين والزهري والشعبي. والثانية: له الرد، ويرد أرش العيب الحادث عنده، ويأخذ الثمن. وإن شاء أمسكه وله الأرش. وقال الحكم: يرده ولم يذكر معه شيئاً. ولنا: حديث المصراة، فإنه صلى الله عليه وسلم أمر بردّها بعد حلبها، ورد عوض لبنها، ولأنه روي عن عثمان: "أنه قضى في الثوب إذا كان به عوار، يردّه وإن كان قد لبسه".

ولو اشترى أمة فحملت عنده، ثم أصاب بها عيباً، فالحمل عيب، لأنه يمنع الوطء. فإن ولدت، فالولد للمشتري، وليس له ردها دون ولدها، لما فيه من التفريق. وقال الشريف وأبو الخطاب: له ردها دون ولدها، لأنه موضع حاجة، أشبه ما لو ولدت حراً، فإنه يجوز بيعها دونه. ولنا: قوله صلى الله عليه وسلم: "من فرّق بين والدة وولدها فرّق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة" ١، ولأنه أمكن رفع الضرر بأخذ الأرش، ويردّ ولدها معها، أما الحر فلا سبيل إلى بيعه بحال.

وإذا تعيّب المبيع في يد البائع بعد العقد، وكان المبيع من ضمانه، فهو كالعيب القديم. وإن كان من ضمان المشتري، فهو كالحادث بعد القبض، فأما الحادث بعض القبض فهو من ضمان المشتري. وقال مالك: عهدة الرقيق ثلاثة أيام، لأنه إجماع أهل المدينة، لحديث عقبة بن عامر مرفوعاً: "عهدة


١ الترمذي: السير (١٥٦٦) , وأحمد (٥/٤١٢, ٥/٤١٤) , والدارمي: السير (٢٤٧٩) .

<<  <   >  >>