وقال أبو حنيفة: لا تحل، لعموم الحديث. قال ابن المنذر: الذي نهى عن المزابنة هو الذي أرخص في العرايا، وحديثهم في سياقه:"إلا العرايا"، وإنما تجوز بشروط خمسة:
(أحدها) : أن تكون فيما دون خمسة أوسق، ولا خلاف أنه لا يجوز في زيادة عليها، وإنما تجوز فيما نقص عنها. وأما الخمسة فظاهر المذهب أنه لا يجوز فيها، وبه قال ابن المنذر. وقال مالك: يجوز، لأن في حديث زيد وسهل:"أنه رخص في العرايا مطلقاً، ثم استثنى ما زاد على الخمسة"، وشك الراوي في الخمسة، فبقي المشكوك فيه على الإباحة. ولنا: النهي عن المزابنة، ثم رخص في العرية فيما دون خمسة، وشك فيها، فتبقى على العموم في التحريم. وقولهم: أرخص فيها مطلقاً، فلم يثبت أن الرخصة المطلقة ثابتة سابقة على الرخصة المقيدة ولا متأخرة عنها؛ بل الرخصة واحدة، رواها بعضهم مطلقة وبعضهم مقيدة، فيصير القيد المذكور كأنه مذكور في الآخر، ولذلك تقيد فيما زاد على الخمسة، باتفاقنا. ولا يشتري أكثر من خمسة فيما زاد على صفقة من واحد وجماعة، وقال الشافعي: يجوز للرجل بيع حائطه كله عرايا، من واحد أو رجال، في عقود متكررة، لعموم حديث زيد، ولأن كل عقد جاز مرة جاز أن يتكرر. ولنا: عموم النهي عن المزابنة، استثنى منها ما ذكر؛ فما زاد يبقى على التحريم، ولأن ما لا يجوز العقد عليه مرة إذا كان نوعاً واحداً لا يجوز في عقدين، كالجمع بين الأختين. ولا تعتبر حاجة البائع، فلو باع رجل عرية من رجلين فيهما أكثر من خمسة أوسق جاز. وقال القاضي: لا يجوز، لما ذكرنا في المشتري. ولنا: أن المغلب في التجويز حاجة المشتري.