لا خير في ذلك، لأنهما فارقا مجلسهما. ولنا: أنهما لم يفترقا، وقد دل عليه حديث أبي برزة في اللذيْن مشيا إليه قال:"ما أراكما افترقتما". وإن قبض البعض ثم افترقا، بطل في الجميع، وفيما لم يقبض، بناء على تفريق الصفقة. وإن تقابضا ثم افترقا، فوجد أحدهما عيباً فردّه، بطل العقد؛ هذا إن كان فيه عيب من غير جنسه، وإن كان منه، فتذكره. والرواية الأخرى: لا يبطل، لأن قبض عوضه في مجلس الرد يقوم مقام قبضه. وإذا اشترى من رجل ديناراً صحيحاً بدراهم وتقابضا، ثم اشترى منه بالدراهم قراضة من غير مواطأة ولا حيلة، فلا بأس. قال أحمد: بيعها من غيره أحب إلي. قيل له: فإن لم يعلمه أنه يريد بيعها منه؟ قال: يبيعها من غيره، فهو أطيب لنفسه، وأحرى أن يستوفي الذهب منه، فإنه إذا ردها إليه لعله ألا يوفيه الذهب. ولا يحكم الوزن ولا يستقصي، يقول: هي رجع إلي. قيل له: فذهب ليشتري الدراهم بالذهب الذي أخذها منه من غيره، فلم يجدها فرجع إليه. قال: إذا كان لا يبالي اشتراها منه أو من غيره، فنعم. وقال مالك: إن فعل ذلك مرة جاز، وإن فعله أكثر من مرة لم يجز، لأنه يضارع الربا. ولنا: حديث بلال، ولم يأمره أن يبيع من غير من يشتري منه، ولأن ما جاز من التبايعات مرة جاز على الإطلاق. وإن تواطآ على ذلك لم يجز، وكان حيلة محرمة، وبه قال مالك. وقال أبو حنيفة والشافعي: يجوز ما لم يكن مشروطاً في العقد.
و (الصرف) قسمان: أحدهما: عين بعين. الثاني: أن يقع على موصوف نحو: بعتك ديناراً مصرياً بعشرة دراهم ناصرية، وقد يكون أحدهما معيناً، وكل ذلك جائز. فإن تبايعا عيناً بعين، ثم تقابضا فوجد أحدهما عيباً، فإن كان غشاً من غير جنسه كالنحاس في الدراهم، فالصرف باطل. وذكر أبو بكر