للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلنا بهذا، لم يجعل في سلَم آخر، لأنه بيع ديْن بديْن.

ويجوز فيه ما يجوز في القرض وأثمان البياعات إذا فسخت، ويأخذ أحد النقدين عن الآخر، ويقبضه في مجلس الإقالة. وإذا كان لرجل سلَم وعليه سلَم من جنسه، فقال لغريمه: اقبض سلَمي لنفسك ففعل، لم يصح، لأنه حوالة به ولا يجوز بالسلَم.

وهل يقع قبضه للآمر؟ على روايتين، وإن قال: أنا أقبضه لنفسي وخذه بالكيل الذي تشاهده جاز في إحدى الروايتين. والثانية: لا يجوز، وهو مذهب الشافعي، "لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام قبل قبضه حتى يجري فيه الصاعان: صاع البائع وصاع المشتري". ١ وإن اكتاله وتركه في المكيال، وسلمه إلى غريمه، صح، لأنه لا معنى لابتداء الكيل هنا، لأنه لا يحصل به زيادة علم. وقال الشافعي: لا يصح، للحديث الذي ذكرناه. وهذا يمكن القول بموجبه لأن قبض المشتري له في المكيال جرى لصاعه فيه. وإن دفع زيد إلى عمرو دراهم فقال: اشتر لك بها مثل الطعام الذي لك عليّ، ففعل، لم يصح. وإن قال: اشتر لي بها طعاماً، ثم اقبضه لنفسك، ففعل، صح الشراء ولم يصح القبض لنفسه. وإن قال: اقبضه لي، ثم اقبضه لنفسك، ففعل، صح؛ نص عليه. وقال أصحاب الشافعي: لا يصح، لأنه لا يكون قابضاً من نفسه لنفسه.

وهل يجوز الرهن والكفيل بالمسلَم فيه، على روايتين: رويت الكراهة عن علي وابن عباس. وروى حنبل جوازه، وهو قول عطاء ومجاهد ومالك والشافعي، لقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} ٢ - إلى قوله - {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} . ٣ وروي عن ابن عباس وابن عمر: " أن المراد به السلَم"، ولأن اللفظ عام فيدخل فيه السلَم. ووجه الأولى: أن الراهن والضمين إن أخذ برأس


١ ابن ماجة: التجارات (٢٢٢٨) .
٢ سورة البقرة آية: ٢٨٢.
٣ سورة البقرة آية: ٢٨٣.

<<  <   >  >>