للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} ، ١ وقوله: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} ، ٢ علق الدفع على شرطين: بلوغ النكاح والإيناس، وقوله: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} ، ٣ فأثبت الولاية على السفيه. والآية التي احتج بها، إنما تدل بدليل خطابها وهو لا يقول به؛ ثم هي مخصوصة فيما قبل الخمس والعشرين بالإجماع، لعلة السفه، وهو موجود بعدها. كما خصصت في حق المجنون، وما ذكرنا من المنطوق أولى. إذا ثبت هذا، فإنه لا يصح تصرفه ولا إقراره. وقال أبو حنيفة: يصح بيعه وإقراره، لأن البالغ عنده لا يحجر عليه، وإنما لم يسلم إليه ماله، للآية. ولنا: أنه لا يُدفع إليه ماله لعدم رشده، فلم يصح تصرفه وإقراره، ولأنه إذا نفذ تلف ماله.

ويثبت بلوغ ذكر وأنثى بخروج المني الدافق يقظة أو مناماً، بجماع أو احتلام أو غير ذلك، لا نعلم فيه خلافاً، لقوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ} الآية، ٤ وقوله: "رُفع القلم عن ثلاثة ... إلخ". ٥

الثاني: بلوغ خمس عشرة سنة، وبه قال الشافعي، وقال داود: لا حد للبلوغ من السنين، للحديث المتقدم، وهو قول مالك. وقال أصحابه: تسع عشرة أو ثماني عشرة. ولنا: حديث ابن عمر. ولما سمعه عمر بن عبد العزيز كتب إلى عماله: أن لا يعرضوا إلا لمن بلغ خمس عشرة سنة.

الثالث: إنبات الشعر الخشن، وبه قال مالك والشافعي في قول. وفي الآخر: هو بلوغ في حق المشركين. وقال أبو حنيفة: لا اعتبار به. ولنا: حديث حكم سعد في بني قريظة.


١ سورة النساء آية: ٥.
٢ سورة النساء آية: ٦.
٣ سورة البقرة آية: ٢٨٢.
٤ سورة النور آية: ٥٩.
٥ الترمذي: الحدود (١٤٢٣) , وابن ماجة: الطلاق (٢٠٤٢) , وأحمد (١/١١٦, ١/١١٨, ١/١٤٠, ١/١٥٨) .

<<  <   >  >>