للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنه أراد نفي الجعل، ويحتمل نفي المسابقة بعوض؛ فإنه يتعين حمله على أحد الأمرين، للإجماع على جوازها بغير عوض في غير الثلاثة. وقال أصحاب الشافعي: تجوز المسابقة بكل ما له نصل من المزاريق، وفي الرمح والسيف وجهان، وفي الفيل والبغال والحمير وجهان، ولأن للمزاريق والرماح والسيوف نصلاً وللفيل خف.

ولا يصح إلا بشروط خمسة:

(أحدها) : تعيين المركوب والرماة، لأن المقصد معرفة جوهر الدابتين ومعرفة حذق الرماة. ولا يشترط تعيين القوس ولا السهام في المناضلة، ولا تعيين الراكب، لأن المقصود عَدْو الفرس. ويجوز عقد النضال على اثنين وعلى جماعة، لقوله: "ارموا، وأنا معكم كلكم"، ١ وكذلك في الخيل، وقد ثبت: "أنه صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل المضمرة وبين التي لم تضمر" ٢.

(الثاني) : أن يكون القوسان والمركوبان من نوع واحد، فلا تجوز بين عربي وهجين، ولا بين قوس عربية وفارسية. ويحتمل الجواز. فإن كانا من جنسين كالفرس والبعير لم يجز، فإن كانا من نوعين كالعربي والهجين والبختي والعرابي فوجهان. ولا بأس بالرمي بالقوس الفارسية، ونص على جواز المسابقة بها، وقال أبو بكر: يكره. ولنا: انعقاد الإجماع على الرمي بها. وحكى أحمد أن قوماً استدلوا على القسي الفارسية بقوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} ٣ لدخوله في عموم الآية.

(الثالث) : تحديد المسافة والغاية ومدى الرمي بما جرت به العادة، وقد قيل: "ما رمى في أربعمائة ذراع إلا عقبة بن عامر الجهني".


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٣٧٣) , وأحمد (٤/٥٠) .
٢ البخاري: الجهاد والسير (٢٨٦٩) , ومسلم: الإمارة (١٨٧٠) , والترمذي: الجهاد (١٦٩٩) , والنسائي: الخيل (٣٥٨٤) , وأبو داود: الجهاد (٢٥٧٥) , وأحمد (٢/١١, ٢/٥٥) , ومالك: الجهاد (١٠١٧) , والدارمي: الجهاد (٢٤٢٩) .
٣ سورة الأنفال آية: ٦٠.

<<  <   >  >>