للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صاحبها، لقوله: "هي لك أو لأخيك أو للذئب"، ١ ولا يكون الذئب في المصر. ولنا: أنه أمر بأخذها ولم يفرّق، وكونها للذئب في الصحراء لا يمنع كونها لغيره في المصر. ومتى عرّفها حولاّ ملكها، وعنه: لا. ولنا: قوله: "هي لك" إضافة إليه بلام التمليك، ولأن التقاطها مباح، فملكت بالتعريف؛ حكاه ابن المنذر إجماعاً. ومن أمن نفسه وقوي على تعريفها فله أخذها، والأفضل تركها، قاله أحمد. وقال الشافعي: إن وجدها بمضيعة وأمن نفسه، فالأفضل أخذها، وعنه: يجب، لقوله: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ {أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} ٢.

وقال مالك: إن كان شيئاً له بال، يأخذه أحب إليّ. ولنا: قول ابن عمر وابن عباس، ولم يعرف لهما مخالف في الصحابة. ومن وجد لقطة في دار الحرب وكان في جيش، فقال أحمد: يعرّفها سنة ثم يطرحها في المغنم، لأنه وصل إليها بقوة الجيش.

وملتقط الشاة ومثلها مما يباح أكله يخّير بين ثلاثة أشياء:

أحدها: أكلها في الحال، قال ابن عبد البر: أجمعوا على أن ضالة الغنم في الموضع المخوف عليها له أكلها، لأنه سوَّى بينه وبين الذئب. فإن جاء صاحبها غرمها. وقال مالك: كُلْها ولا غرم ولا تعريف، لقوله: "هي لك". قال ابن عبد البر لم يوافق مالكاً أحد من العلماء على قوله، وقوله صلى الله عليه وسلم: "ردّ على أخيك ضالته" دليل على أنها على ملك صاحبها، وقوله: "هي لك" لا يمنع الغرم، فقد أذن في لقطة الذهب بعد التعريف في أكلها، وقال هي كسائر مالك، ثم أجمعنا على وجوب الغرم.


١ البخاري: العلم (٩١) , ومسلم: اللقطة (١٧٢٢) , وأبو داود: اللقطة (١٧٠٤) , وابن ماجة: الأحكام (٢٥٠٤) , وأحمد (٤/١١٥) , ومالك: الأقضية (١٤٨٢) .
٢ سورة التوبة آية: ٧١.

<<  <   >  >>