فإن قضى بعض غرمائه ووفت التركة، لم يكن للغرماء الاعتراض عليه، وإن لم تف فوجهان: أحدهما: الاعتراض، وهو قول أبي حنيفة، لأن حقهم تعلق بماله في مرضه. والثاني: الاعتراض عليه، وهو قول الشافعي. فإن لم يف الثلث بالتبرعات المنجزة، بدأ بالأول فالأول، سواء كان الأول عتقاً أو غيره، وبه قال الشافعي. وقال أبو يوسف: يقدم العتق تقدم أو تأخر. وإن تساوت، قسم بين الجميع بالحصص، وعنه: يقدم العتق.
وتفارق العطية الوصية في أربعة أشياء:
أحدها: أنه يبدأ بالأول فالأول، والوصايا يسوى بين المتقدم والمتأخر منها.
الثاني: أنه لا يجوز الرجوع في العطية.
الثالث: أنه يعتبر قبول العطية، وتفتقر إلى شروط الهبة. والعطية تقدم على الوصية، وهو قول الشافعي والجمهور.
الرابع: أن الملك يثبت في العطية من حينها.
ومن هنا إلى آخر الباب: من "الإنصاف":
وإن شرط ثواباً مجهولاً لم يصح، وعنه: قال: يرضيه بشيء، ذكرها الشيخ. وقال: إن أعطاه ليعاوضه أو ليقضي له حاجة فلم يف، فكالشرط. ولو وهب الغائب هبة وأنفذها مع رسول الموهوب له، ثم مات الواهب أو الموهوب له قبل وصولها، كانت للموهوب له.
وإن أبرأ غريم غريمه وهما يعلمانه صح، وإن أعلمه المبرَأ، بفتح الراء، أو جهله، وكان المبرِئ، بكسرها، يجهله، صح. وعنه: يصح مع جهل المبرأ، بفتح الراء. وعنه: لا يصح إلا إذا تعذر علمه. وأما إن علم المديون فروايتان.
ولا تصح هبة الدين لغير من هو في ذمته، قال في الفائق: المختار: الصحة.