للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على نفسه، تيمم ولا إعادة إجماعاً. وإن خاف على رفيقه أو بهائمه، فكذلك. وإن وجد عطشاناً يخاف تلفه، لزمه سقيه وتيمم. وقال القاضي: لا يلزمه بذله، لأنه محتاج إليه. ولنا: أن حرمة الآدمي تُقدم على الصلاة، إذا رأى حريقاً أو غريقاً عند ضيق الوقت، وقد غفر الله لبغيٍّ سقت كلباً، فالآدمي أولى.

وإن خاف على نفسه أو ماله في طلب الماء، كمن بينه وبينه لص أو عدو، فهو كالعادم. ومن كان مريضاً لا يقدر على الحركة ولا على من يناوله، فكالعادم. وإن وجد من يناوله قبل خروج الوقت، فكالواجد. وقال الحسن: يتيمم ولا إعادة، لأنه عادم في الوقت. وإن وجد الماء، إلا أنه إن اشتغل بتحصيله فات الوقت، لم يتيمم، في قول أكثر أهل العلم. وعن الأوزاعي والثوري: يتيمم. ولنا: قوله: {فلم تجدوا ماء} ، ١ وهذا واجد للماء، وقوله: "التراب كافيك ما لم تجد الماء". وإن وجد الماء بثمن مثله، لزمه شراؤه لأنه قادر، وكذلك إن كان بزيادة يسيرة. وقال الشافعي: لا يلزمه الشراء مع الزيادة، قليلة كانت أو كثيرة، لأن عليه ضرراً في الزياة، كخوف اللص. ولنا: قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} ، ولأن ضرر المال دون ضرر النفس، وقد قالوا في المريض: يلزمه الغسل ما لم يخف التلف، فتحمل الضرر اليسير في الماء أحرى.

والجريح والمريض إذا أمكنه غسل البعض، غسل ما أمكنه وتيمم للباقي؛ وهو قول الشافعي. وقال مالك: إن كان أكثر بدنه صحيحاً غسله ولا يتيمم، وإن كان أكثره جريحاً تيمم ولا غسل عليه، لأن الجمع بين البدل والمبدل منه لا يجب، كالصيام والإطعام. ولنا: حديث صاحب الشجة، ولأنه من شروط الصلاة، فالعجز عن بعضها لا يسقط جميعها، كالسترة، وما ذكره ينتقض


١سورة النساء آية: ٤٣.

<<  <   >  >>