للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والشافعي. وقال أبو حنيفة: لا، وحق الله: طاعته. ولنا: أن له حقوقاً يستحقها لنفسه، من البقاء والعظمة والجلال. وقد اقترن العرف بالحلف بها، فينصرف إلى صفة الله. وإن قال: "وعهد الله" فيمين، وبه قال مالك. وقال ابن المنذر: لا، إلا بالنية. وقال أبو حنيفة: ليس بيمين. ولنا: أن عهد الله يحتمل كلامه الذي هو صفته، وقد ثبت له عرف الاستعمال. وإن قال: "وأمانة الله: فيمين، وبه قال أبو حنيفة. وقال الشافعي: لا تنعقد إلا أن ينوي صفة الله، لأنها تطلق على الفرائض والودائع والحقوق. ولنا: أن أمانة الله صفة من صفاته.

والقسم بالصفات ينقسم كالقسم بالأسماء، ثلاثة أقسام:

(أحدها) : ما لا يحتمل غير الذات، كعزة الله وعظمته وجلاله، فتنعقد بها اليمين، في قولهم جميعاً. وورد القسم بها، كقول الخارج من النار: "وعزّتك لا أسأل غيرها ١ وفي القرآن: {فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} ٢.

(الثاني) : صفة للذات، إلا أنه يعبر به عن غيرها، كعلم الله وقدرته، كقولهم: اللهم اغفر لنا علمك فينا، اللهم أريتنا قدرتك فأرنا عفوك. فالقسم بهذا يمين. وقال أبو حنيفة: إذا قال: "وعلْم الله" ليس يمينا.

(الثالث) : ما لا ينصرف بإطلاقه إلى صفة الله، لكن ينصرف بإضافته إليه لفظاً أو نية، كالعهد والميثاق والأمانة، فلا يكون يميناً إلا بإضافته أو نيته. ويكره الحلف بالأمانة، لقوله: "من حلف بالأمانة فليس منّا". ٣ رواه أبو داود.

وإن قال: "لعمرو الله" كان يميناً، وقال الشافعي: لا، إلا أن يقصد اليمين،


١ البخاري: الأذان (٨٠٦) , ومسلم: الإيمان (١٨٢, ١٨٣, ١٨٥, ١٩٤) , والترمذي: صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٣٤) وتفسير القرآن (٣١٤٨) , والنسائي: التطبيق (١١٤٠) , وابن ماجة: الزهد (٤٢٨٠, ٤٣٠٩) , وأحمد (٢/٢٧٥, ٣/٥, ٣/١١, ٣/٢٠, ٣/٢٥, ٣/٤٨, ٣/٥٦, ٣/٧٧, ٣/٩٠، ٣/٩٤) ، والدارمي: الرقاق (٢٨٠١, ٢٨٠٣, ٢٨١٧) .
٢ سورة ص آية: ٨٢.
٣ أبو داود: الأيمان والنذور (٣٢٥٣) , وأحمد (٥/٣٥٢) .

<<  <   >  >>