للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الفروع: ويتوجه على اختيار شيخنا كل أحد بحسب عزمه.

وعنده: من نذر صوم الدهر كان له صوم يوم وإفطار يوم. وقال: القادر على فعل المنذور يلزمه، وإلا فله أن يكفّر.

ولا يلزم الوفاء بالوعد، لأنه يحرم بلا استثناء، لقوله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} . ١ وذكر الشيخ وجهاً: أنه يلزم، واختاره. وقال القرافي: اتفق الفقهاء على الاستدلال بالآية، وهو في غاية الإشكال؛ فإن "إلا" ليست للتعليق، و"أنْ" المفتوحة ليست للتعليق، فما بقي في الآية شيء يدل على التعليق بمطابقة ولا التزام، وطول الأيام يحاولون الاستدلال بها ولا يكاد يفطن له ولا يفطنون لهذا المستثنى من أي شيء هو وما هو المستثنى منه، فتأمله.

والجواب: أن هذا استثناء من الأحوال، والمستثنى حالة محذوفة قبل "أن" الناصبة وعامله فيها، أعني: الحال عامله في "أن". وتقريره: ٢ {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً?} ٣ في حالة من الأحوال، إلا متعلّقاً بـ"إن شاء ٤ الله"، ثم حذفت معلقاً والباء من أن فيكون النهي المتقدم مع "إلا" المتأخرة قد حصرت القول في هذه الحال دون سائر الأحوال؛ فتختص هذه الحال بالإباحة وغيرها بالتحريم. وترك المحرم واجب، وليس شيء هناك يترك به الحرام إلا هذه، فتكون واجبة. وأما مدرك التعلق فهو قولنا: معلقاً، فإنه يدل على أنه تعلق في تلك الحالة، كما إذا قال: لا تخرج إلا ضاحكاً، فإنه يفيد الأمر بالضحك للخروج، وانتظم معلقاً مع "أن" بالباء المحذوفة، واتجه الأمر بالتعليق على المشيئة من هذه الصيغة عند الوعد بالأفعال.


١ سورة آية: ٢٣-٢٤.
٢ في المطبوعة: تقريره في (لا تقولن ... ) .
٣ سورة الكهف آية: ٢٣.
٤ في المطبوعة: (بأن يشاء) .

<<  <   >  >>