للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القبلة بالأذان. وسئل أحمد: عن الرجل يؤذن وهو يمشي؟ قال: نعم، أمر الأذان عندي سهل. وسئل: عن المؤذن يمشي وهو يقيم؟ قال: يعجبني أن يفرغ ثم يمشي، فإذا بلغ الحيعلة التفت يميناً وشمالاً ولم يستدر. وذكر عن أحمد فيمن أذن في المنارة روايتان: إحداهما: لا يدور، للخبر. والثانية: لا يحصل بدونه، وتحصيل المقصود مع الإخلال بالأدب أولى من العكس، وهذا قول إسحاق.

ويجعل أصبعيه في أذنيه، هذا المشهور عن أحمد، وعليه العمل عند أهل العلم، وكذلك قال الترمذي، لفعل بلال، صححه الترمذي. وعن أحمد: أحب إلي أن يجعل يديه على أذنيه، على حديث أبي محذورة. والأول أصح، لصحة الحديث وشهرته، وعمل أهل العلم به. ويتولاهما معاً، وهو قول الشافعي. وقال مالك: لا فرق بينه وبين غيره، لأن في حديث عبد الله بن زيد: "لما أذّن بلال، قال لعبد الله: أقم أنت". ولنا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أخا صدّاء قد أذّن، ومن أذّن فهو يقيم". ١ وما ذكر يدل على الجواز، وهذا على الاستحباب، فإن سبق المؤذن بالأذان فأراد المؤذن أن يقيم، فقال أحمد: له لو أعاد الأذان كما صنع أبو محذورة، فإن أقام بغير إعادة فلا بأس، لما ذكرنا في حديث عبد الله بن زيد.

ويستحب للمؤذن أن يقيم في موضع أذانه، لقول بلال: "لا تسبقني بآمين"، وقول ابن عمر: "كنا إذا سمعنا الإقامة توضأنا".

ولا يقيم إلا بإذن الإمام، لما في حديث الصدّائي: "فجعلت أقول له صلى الله عليه وسلم: أقيم؟ أقيم؟ ".

وكره طائفة من أهل العلم: الكلام في أثناء الأذان، قال الأوزاعي: لا نعلم أحداً يقتدَى به فعَله. ورخص فيه سليمان بن صرد وغيره. قيل لأحمد: الرجل يتكلم في أذانه؟ قال: نعم، قيل: وفي الإقامة؟ قال: لا. وعن الزهري: إذا تكلم في الإقامة أعادها، وأكثر أهل العلم على أنه يجزئه، قياساً


١ الترمذي: الصلاة (١٩٩) , وأبو داود: الصلاة (٥١٤) , وابن ماجة: الأذان والسنة فيه (٧١٧) , وأحمد (٤/١٦٩) .

<<  <   >  >>