للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - إثبات مقصد سدّ الذرائع: حيث ذهب ابن عاشور إلى أن الاستقراء هو عمدة القائلين بسدّ الذرائع -وهو منهم- في إثبات هذا المقصد، فيقول: "فمقصد سدّ الذرائع مقصد تشريعي عظيم استُفِيدَ من استقراء تصرفات الشريعة في تفاريع أحكامها، وفي سياسة تصرفاتها مع الأمم، وفي تنفيذ مقاصدها ... ". (١)

٦ - كون التشريع منوطاً بَالضبط والتحديد: حيث قام ابن عاشور -عند حديثه عن كون التشريع الإِسلامي منوطًا بالضبط والتحديد- باستقراء الوسائل التي اتخذها الشارع طرقًا للإنضباط والتحديد، فقال: "وقد استقريت من طرق الإنضباط والتحديد في الشريعة ست وسائل". (٢)

٧ - قصد الشارع إلى بَثِّ الحرية: والمقصود هنا النوع الأول من الحرية، الذي هو ضد العبودية. (٣) وهذا القصد قد أثبته الفقهاء قديمًا بطريق استقراء تصرفات الشريعة، التي دلت على أن من أهم مقاصدها إبطال العبودية وتعميم الحرية، حتى اشتهرت بينهم قاعدة "الشارع مُتَشَوِّف للحرية"، (٤) التي كثيرًا ما استخدموها في مسائل الترجيح. وقد استعرض ابن عاشور النصوص الواردة في الترغيب في تحرير


(١) المصدر السابق، ص ٢٦٢.
(٢) هذه الوسائل هي:
١ - الإنضباط بتمييز الماهيات والمعاني تمييزًا لا يقبل الإشتباه، مئل طُرُقِ القرابة المبيَّنَة في أسباب الميراث، وفي تحريم من حرم نكاحه، فبتعين المصير إليها دون ما لا ينضبط من مراتب المحبة والصداقة والنفع والتَّبَنِّي. ٢ - مجرد تحقّق مسمى الإسم، كنوط الحدِّ في الخمر بشرب جرعة من الخمر ولو لم تسكر.
٣ - التقدير، كنُصُب الزكوات في الحبوب والنقدين، ونصاب القطع في السرقة، وغيرها.
٤ - التوقيت، مثل مرور الحول في زكاة الأموال، وغيرها.
٥ - الصفات المعيِّنة للماهيات المعقود عليها، كتعيين العمل في الإجارة، وكالمهر والولي في ماهية النكاح لِيُمَيَّزَ عن السفاح.
٦ - الإحاطة والتحديد، كما في إحياء الموات، وحدود الحِرْز في تحقُّق معنى السرقة تفرقةً بينها وبين الخلسة.
مقاصد الشريعة الإِسلامية، ص ٢٦٦ - ٢٦٨ بتصرف.
(٣) المعنى الثاني للحرية هو"تمكّن الشخص من التصرف في نفسه وشؤونه كما يشاء دون معارض". مقاصد الشريعة الإِسلامية، ص ٢٨٠ - ٢٨١.
(٤) انظر المصدر السابق، ص ٢٨١، وانظر أيضًا: محمد الطاهر بن عاشور: أصول النظام الإجتماعي في الإِسلام، ص ١٦٧ - ١٦٨.

<<  <   >  >>