للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فائدة لإستقراء كل الجزئيات؛ لأن ذلك الاستقراء لن يضيف علمًا إلى علم المستقرئ أكثر مما حصله من الجزئية الأولى. أما إذا كانت كلّ جزئية من الجزئيات المستقرأة تمثل جزءًا من نتيجة الاستقراء (التعميم الإستقرائي)، فإن تخلف أي جزئية -بعدم إدراجها ضمن الاستقراء- يؤدي إلى نقصٍ في نتيجة الاستقراء، ومن ثَمَّ عدم فائدتها لنقصانها.

وبيان ذلك أن القضايا الجزئية المحسوسة المكونة للإستقراء لا تمثِّل كلُّ واحدةٍ منها إثباتًا لجزء من مدلول التعميم الإستقرائي، بحيث يُعدّ التعميم الإستقرائي قضية كليّة مكوَّنَة من جزئيات هي آحاد الجزئيات المستقرأة، وإنما يمكن أن نعدَّ كلّ قضية من القضايا الجزئية المكونة للإستقراء دليلًا على كامل مدلول القضية الإستقرائية، لكنه دليل ظني احتمالي. وعلى أساس هذا التصور نلاحظ وجود أدلة على كامل مدلول التعميم الإستقرائي بعدد القضايا الجزئية التي يشتمل عليها الاستقراء.

كما أن تلك الجزئيات -حتى وإن كانت لا تضيف علمًا جديدًا لما استُفِيدَ من الجزئية الأولى- فإن فائدتها هي تنمية الإحتمال ومحاولة الوصول به إلى مرتبة اليقين؛ إذ القضية التي يراد إثباتها في عملية الاستقراء هي اطرادُ الحكم المستَنْتَجُ من الاستقراء وعمومُه في كل جزئيات الصنف المستقرأ؛ فالمراد إثباته هو قطعية الأدلة الدالة على مضمون التعميم الإستقرائي (الحكم الذي توصل إليه الاستقراء). واليقين الذي يُرَادُ الوصول إليه هو التيقن من عموم الحكم، ووسيلة ذلك هي تجميع أكبر عدد ممكن من الأدلة على اطراد هذا الحكم وجريانه في كل أفراد الصنف.

والسبب في المبحث عن اليقين عن طريق تجميع أكبر عدد ممكن من الأدلة على اطراد الحكم وعمومه هو كون جزئية واحدة من الجزئيات (أو مجموعة صغيرة) لا تفيد القطع واليقين بثبوت الحكم لأفراد الصنف. فإذا استطعنا الحصول على اليقين من جزئية واحدة (من نص شرعي واحد في الشرعيات مثلًا) بأن كان النص الشرعي قطعي الدلالة والثبوت مع كونه عامًّا أريد به العموم قطعًا، لم تَعُدْ هناك فائدة لإستقراء مزيد من النصوص والأحكام لأننا قد تحصلنا على اليقين منذ البداية،

<<  <   >  >>