١٠٧ - قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (١٣/ ٣٧٩): "قوله: (باب السؤال بأسماء الله والاستعاذة بها) قال ابن بطال: مقصوده بهذه الترجمة تصحيح القول بأن الاسم هو المسمى ... ".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب ١٣.
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك: الجزم بأن هذا هو مقصود البخاري فيه نظر، ولم يذكر ابن بطال دليلاً على ما قال. نعم المراد بالأسماء في قول البخاري: السؤال بأسماء الله المسمى بها؛ فالمراد بقول الداعي: يا الله، يا رحمن، يا حي، يا قيوم: المسمى بهذه الأسماء، وهو رب العالمين، ولا يلزم من ذلك تصحيح البخاري للقول بأن الاسم هو المسمى مطلقاً؛ فإن الصواب في هذه المسألة أن الاسم قد يراد به المسمى، وقد يراد به غير المسمى، وهو اللفظ كقولك: الله مشتق، وأصله الإله، والرحمن عربي.
فأسماء الله تعالى إذا وردت في سياق الدعاء والاستعاذة فالمراد بها المسمى، وإذا وردت في مقام التعداد واختلاف الدلالات فالمراد بها الأسماء الدالة على المسمى؛ كما قال صلى الله عليه وسلم:"إن لله تسعًا وتسعين اسمًا".
وقول ابن بطال:"فلذلك صحت الاستعاذة بالاسم كما تصح بالذات" هذا يقتضي أن الأصل في الاستعاذة الاستعاذة بذات الله تعالى؛ كأن يقول: أعوذ بذات الله. وهذا اللفظ لم يرد، نعم ورد معناه في قوله صلى الله عليه وسلم:"وأعوذ بك منك"، وأما غالب ما ورد من ألفاظ الاستعاذة فبأسماء الله وصفاته.
وقوله:"ويطلق الاسم ويراد به التسمية ... إلخ" فيه نظر كذلك؛ فإن التسمية هي فعل المسمِّي، وهو وضع الاسم للمسمى، أو إطلاق الاسم على من سمي به. إذن فالأمور ثلاثة: ١ - الاسم: وهو اللفظ الدال.
٢ - والمسمى: وهو المدلول.
٣ - والتسمية: هي وضع الاسم للمسمى أو إطلاقه عليه كما تقدم.
وبهذا يعلم أنه ليس المراد بالاسم في حديث الأسماء: التسمية، خلافاً لما قال ابن بطال، بل المراد اللفظ الدال على ذات الرب، وصفته سبحانه كالعزيز، والحكيم، والسميع، والبصير.
فأسماء الله كلها دالة على ذاته، وكل اسم دال على صفة من صفاته؛ فهي متحدة في دلالتها على الذات متعددة متباينة في دلالتها على الصفات.