١٣٨ – قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (١٣/ ٤٢٨): "وقال الخطابي: تهيب كثير من الشيوخ الخوض في معنى الساق، ومعنى قول ابن عباس: إن الله يكشف عن قدرته التي تظهر بها الشدة، وأسند البيهقي الأثر المذكور عن ابن عباس بسندين كل منهما حسن، وزاد: إذا خفي علكم شيء من القرآن [فابتغوه] من الشعر، وذكر الرجز المشار إليه، وأنشد الخطابي في إطلاق الساق على الأمر الشديد: "في سنة قد كشفت عن ساقها .... ".
وذلك في كلامه على حديث رقم ٧٤٣٩، كتاب التوحيد، باب ٢٤.
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: "فيكشف عن ساقه" يدل على أن لله تعالى ساقًا كما أن له قدمًا، والقول فيهما كالقول في الوجه واليدين؛ وهو الإيمان بذلك على ما يليق به سبحانه وأن صفاته لا تماثل صفات خلقه، وأن كيفية هذه الصفات غير معقول لنا، وهذا الحديث أولى ما تفسر به الآية، وهي قوله تعالى: "يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون" ولولا هذا الحديث لما أمكن الاستدلال بالآية على إثبات الساق لأنها محتملة؛ وذلك أن ذكر الساق فيها غير مضاف، ولهذا جاء تفسير الآية عن ابن عباس رضي الله عنهما بشدة الأمر، والكشف عن أمر عظيم من أهوال يوم القيامة. والآية محتملة لذلك، ولا مانع من تفسير الآية بذلك وبما جاء في الحديث؛ فإنه لا منافاة بينهما، ولعل ابن عباس رضي الله عنهما لم يبلغه الحديث، وعلى هذا فلا موجب للعدول عن ظاهر الحديث بتأويل الساق بالقدرة أو النفس كما صنع الخطابي رحمه الله تعالى، وهذه طريقته في مثل هذه الصفات: لا يثبت حقائقها بل يتأولها على معانٍ تخالف ظواهر النصوص. والواجب إجراء النصوص على ظاهرها كما قال الأئمة: "أمروها كما جاءت بلا كيف"؛ أي آمنوا بما دلت عليه ولا تعدلوا بها عنه، كما قال الإمام مالك وغيره: "الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب".