٢٣ – قال الحافظ ابن حجر رحمه الله ٦/ ١٣٦ على حديث رقم (٢٩٩٤ – ٢٩٩٥): قال: "وقيل: مناسبة التسبيح في الأماكن المنخفضة من جهة أن التسبيح هو التنزيه، فناسب تنزيه الله عن صفات الانخفاض كما ناسب تكبيره عند الأماكن المرتفعة، ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محال (١) على الله ألا يوصف بالعلو من جهة المعنى، والمستحيل كون ذلك من جهة الحس، ولذلك ورد في صفته العالي والعلي والمتعالي، ولم يرد ضد ذلك، وإن كان قد أحاط بكل شيء علمًا جل وعز".
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك: قوله: "ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محال على الله ألا يوصف بالعلو من جهة المعنى ... إلخ": مضمون هذا الكلام أن الله عز وجل كما يستحيل أن يكون في جهة السفل يستحيل أن يكون في جهة العلو، ولا يلزم من ذلك أن لا يوصف بالعلو المعنوي؛ فالمستحيل عليه هو العلو الحسي. ويراد بالعلو الحسي علو الذات، وبالمعنوي علو القدر والقهر. وهذا هو مذهب المعطلة من الجهمية والمعتزلة، ومن تبعهم من الأشاعرة؛ فإنهم جميعًا ينفون علو الله عز وجل بذاته فوق مخلوقاته، ولذا ينفون استواءه على عرشه، ثم إما أن يقولوا: إنه في كل مكان - وهذا هو القول بالحلول - وإما أن يقولوا: إنه لا داخل العالم ولا خارجه - وهذا يستلزم عدمه - وبهذا يعلم أن النزاع بين أهل السنة وبين أهل البدع إنما هو في علو الذات، وقد تضافرت كل أنواع الأدلة على إثبات أن الله سبحانه فوق سماواته على عرشه؛ فتطابق على ذلك الكتاب والسنة والعقل والفطرة، ومضى على ذلك سلف الأمة من الصحابة والتابعين، وقد أجمع على ذلك أهل السنة والجماعة، وبهذا يتبين أن ما ذكره الحافظ من نفي علو الذات واستحالته قول باطل، والذي يظهر أنه يرتضيه ويقول به عفا الله عنه.