١٤٩ - قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (١٣/ ٤٥٨): "قال البيهقي: "الكلام ما ينطق به المتكلم ... فسماه كلامًا قبل التكلم به" قال: "فإن كان المتكلم ذا مخارج سُمِعَ كلامُه ذا حروف وأصوات، وإن كان غير ذي مخارج فهو بخلاف ذلك، والباري عز وجل ليس بذي مخارج، فلا يكون كلامه بحروف وأصوات .... ". وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب ٣٢، حديث جابر.
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك: قوله: "قال البيهقي: الكلام ما ينطق به المتكلم ... إلخ": هذا من البيهقي من عجيب القول، وهو يدل على أن الذكي والعالم قد ينبو فهمه فيقع في خطأ فادح. وقد تضمن كلامه - رحمه الله تعالى- أخطاء عدة، أولها وأصلها: نفي أن يكون كلام الله تعالى بحرف وصوت؛ وهذا هو مذهب الأشاعرة في كلام الله تعالى؛ فإن كلام الله عندهم معنى نفسي، وهو مذهب باطل مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة؛ فقد أخبر سبحانه أنه ناجى موسى عليه السلام وناداه، وهذا يدل على أنه كلمه بصوت، وأن موسى سمع كلام الله عز وجل من الله تعالى.
الثاني: دعواه أن الكلام ما يستقر في نفس المتكلم مستدلاً على ذلك بقول عمر رضي الله عنه، والصواب أن الكلام مطلقًا ما يتكلم به المتكلم، وإذا أريد به ما في النفس وجب تقييده كما قال سبحانه: "ويقولون في أنفسهم ... الآية".
الثالث: دعواه أن الكلام لا يسمع إلا من ذي المخارج، ومعناه: أن من ليس كذلك فلا يكون كلامه بصوت، فلذلك لا يسمع منه، وهذا باطل؛ فإن الملائكة يتكلمون بكلام مسموع، ولا يلزم من ذلك أن يكون لهم مخارج. وأيضًا فإن الله تعالى قادر على أن يُنْطِق الجماد، ولا يلزم أن يكون نطقه بمخارج، وقد أخبر سبحانه أنه يُنْطِق الجلود والأسماع والأبصار والأيدي والأرجل، ولا يلزم من ذلك أن يكون بمخارج، وهذا يبطل دعوى أن إثبات الحرف والصوت لكلام الله تعالى يستلزم أن يكون له مخارج مع أن إضافة المخارج إلى الله تعالى مما يجب الإمساك عنه نفيًا أو إثباتًا.