قوله:(وهو) أي الإيمان (قول وفعل يزيد وينقص) ... والمعتزلة قالوا: هو العمل والنطق والاعتقاد. والفارق بينهم وبين السلف أنهم جعلوا الأعمال شرطًا في صحته، والسلف جعلوها شرطًا في كماله.
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك: قوله: "والفارق بينهم وبين السلف .... الخ": هذا الفرق بين المعتزلة والسلف لا يستقيم سواء أريد بشرط الصحة أو شرط الكمال: جنس العمل، أو أنواع العمل الواجبة، أو الواجبة والمستحبة؛ فإن الأعمال المستحبة من كمال الإيمان المستحب، فلا تكون شرطاً لصحة الإيمان، ولا لكماله الواجب.
وأما الأعمال الواجبة: فليس منها شرط لصحة الإيمان عند جميع أهل السنة، بل بعضها شرط لصحة الإيمان عند بعض أهل السنة كالصلاة.
وأما عند المعتزلة: فالمشهور من مذهبهم ومذهب الخوارج أن ما كان تركه كبيرة فهو شرط لصحة الإيمان، وعلى هذا فلا يصح أن يقال: إن جنس العمل عندهم شرط لصحة الإيمان؛ لأن ذلك يقتضي أن الموجب للخروج عن الإيمان عندهم هو ترك جميع الأعمال، وليس كذلك، بل يثبت عندهم الخروج عن الإيمان بارتكاب ما هو كبيرة.
وأما عند السلف: فعمل الجوارح تابع لعمل القلب، وجنس عمل القلب شرط لصحة الإيمان، وجنس عمل الجوارح تابع أو لازم لعمل القلب، فيلزم من انتفاء اللازم انتفاء الملزوم؛ فإن الإعراض عن جميع الأعمال دليل على عدم انقياد القلب.
هذا، ولا أعلم أحدا من أئمة السلف أطلق القول بأن الأعمال شرط أو ليست شرطا لصحة الإيمان أو كماله، وإنما المأثور المشهور عنهم قولهم:"الإيمان قول وعمل" أو "قول وعمل ونية"؛ يقصدون بذلك الرد على المرجئة الذين أخرجوا الأعمال عن مسمى الإيمان، وخصوا الإيمان بالتصديق، أو التصديق والإقرار باللسان.
وبهذا يتبين أن ما ذكره الحافظ بإطلاق القول بأن الأعمال شرط لصحة الإيمان عند المعتزلة، وشرط لكماله عند السلف ليس بمستقيم لما تقدم.