٦٦ – قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:(١٠/ ٤١٨) على حديث رقم ٥٩٨٧
"قال ابن أبي جمرة: الوصل من الله كناية عن عظيم إحسانه، وإنما خاطب الناس بما يفهمون، ولما كان أعظم ما يعطيه المحبوب لمحبه الوصال، وهو القرب منه، وإسعافه بما يريد، ومساعدته على ما يرضيه، وكانت حقيقة ذلك مستحيلة في حق الله تعالى، عرف أن ذلك كناية عن عظيم إحسانه لعبده.
قال: وكذا القول في القطع هو كناية عن حرمان الإحسان ... ".
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك: قوله تعالى: "أن أصل من وصلك .. " الوصل من الله عز وجل لمن يصل رحمه يدل على أن الجزاء من جنس العمل، وهذه سنة الله عز وجل في جزائه ثوابًا وعقابًا. والوصل من الله تعالى يكون بما شاء سبحانه وتعالى مما يدخل في معنى الوصل اللائق به سبحانه، وكلها تدخل في الإحسان، وهو سبحانه يحسن إلى المحسنين بمحبته وتقربه، وبأنواع المنافع والمحبوبات؛ قال تعالى:"وأحسنوا إن الله يحب المحسنين"[البقرة ١٩٥]، وقال في الحديث القدسي:"ومن تقرب إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا"، وقال تعالى:"هل جزاء الإحسان إلا الإحسان"[الرحمن ٦٠].
وقصر معنى الوصل من الله تعالى على بعض أنواعه تقييد وتخصيص بغير حجة.
وقول ابن أبي جمرة:"الوصل من الله كناية عن عظيم إحسانه ... إلخ" هذا كلام متناقض؛ فقد أثبت أن الوصل كناية عن الإحسان، ونفى أن يكون منه قرب الله من عبده، وإسعافه بما يريد، ومساعدته على ما يرضيه. وزعم أن ذلك مستحيل في حق الله تعالى، وهذه الأنواع من أعظم أنواع الإحسان التي يكرم الله بها أولياءه كما في حديث الولي؛ يقول الله تعالى:"ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه".