٣٧ - قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:(٧/ ٨) على حديث (٣٦٥٠)
"واقتضى هذا الحديث [حديث عمران: "خير أمتي قرني"] أن تكون الصحابة أفضل من التابعين، والتابعون أفضل من أتباع التابعين، لكن هل هذه الأفضلية بالنسبة إلى المجموع أو الأفراد؟ محل بحث، وإلى الثاني نحا الجمهور، والأول قول بن عبد البر، والذي يظهر أن من قاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم أو في زمانه بأمره أو أنفق شيئا من ماله بسببه= لا يعدله في الفضل أحد بعده كائنا من كان، وأما من لم يقع له ذلك فهو محل البحث".
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك: أظهر الأقوال في المفاضلة بين الصحابة من جاء بعدهم هو التفصيل؛ فأما تفضيل قرن الصحابة على من بعدهم فهو نص قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:"خير الناس قرني .. " الحديث.
وأما تفضيل الأفراد فالصحابة في هذا درجات، فأفضل الأمة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم بقية العشرة، ثم أهل بدر وبيعة الرضوان رضي الله عنهم أجمعين؛ فهؤلاء لا ريب أن الواحد منهم أفضل من كل من جاء بعدهم حتى من الصحابة ممن تأخر إسلامهم يدل لذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لخالد بن الوليد رضي الله عنه:"لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه". وهذا لا يستلزم أن كل واحد ممن ثبت له مطلق الصحبة يكون أفضل من كل من جاء بعده؛ فالفضل المطلق للسابقين من المهاجرين والأنصار وأما من جاء بعدهم، سواء كان من الصحابة أو لم يكن؛ فهو على مراتبهم بحسب اتباعهم لهم بإحسان؛ فمن كان من الصحابة دخل في التفضيل العام للصحابة، ولا يفضل بعينه على كل من جاء بعد الصحابة، قال تعالى:{والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه}[التوبة:١٠٠] وهذا شامل لمن اتبعهم إلى يوم القيامة، والله أعلم.