١١٦ – قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (١٣/ ٣٩٠): "قال ابن بطال: احتجت المجسمة بهذا الحديث، وقالوا في قوله:(وأشار بيده إلى عينه) دلالة على أن عينه كسائر الأعين، وتعقب باستحالة الجسمية عليه؛ لأن الجسم حادث وهو قديم؛ فدل على أن المراد نفي النقص عنه" انتهى.
وذلك في كلامه على حديث رقم ٧٤٠٨، كتاب التوحيد، باب ١٧.
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك: قوله: "وأشار بيده إلى عينه": أي الرسول صلى الله عليه وسلم، بعد قوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله لا يخفى عليكم؛ إن الله ليس بأعور" هو نظير لما جاء في سنن أبي داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قرأ هذه الآية:{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ... [إلى قوله تعالى] إن الله كان سميعًا بصيرًا} قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينه ... " [أخرجه أبو داود في سننه، كتاب السنة، باب (١٩) في الجهمية، ح ٤٧٢٨]، وهذه الإشارة من الرسول صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة المثبتين للعين، والسمع، والبصر، لبيان إرادة الحقيقة؛ فهو يسمع حقيقة ويبصر حقيقة، وكذلك له عين حقيقة، وكل ذلك على ما يليق به ويختص به سبحانه، لا يماثل في شيء من ذلك صفات المخلوق، وهذا هو الواجب في جميع ما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم. ومثل هذه الإشارة ما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل يقبض يديه ويبسطهما لما ذكر أن الله تعالى يأخذ السماوات بيديه، وأن الله تعالى يقبض يديه ويبسطهما ويقول: "أنا الملك ... " الحديث، ومعلوم بالضرورة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يريد أن القبض والبسط من الله تعالى مثل قبضه صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم وبسطه ليديه، وإنما أراد بيان أن الله يقبض يديه ويبسطهما حقيقة، وأما من لم يثبت العينين، ولا اليدين لله تعالى، فلا بد أن يتأول هذه النصوص بتأويلات تخرجها عن ظاهرها، أو يمسك عن تدبرها معتقدًا أنه لا سبيل إلى فهمها. وهي طريقة أهل التفويض من النفاة.