٢٩ – قال الحافظ ابن حجر رحمه الله ٦/ ٢٩٩ على حديث رقم (٣١٩٩) قال: " قال ابن العربي: أنكر قوم سجودها وهو صحيح ممكن، وتأوله قوم على ما هي عليه من التسخير الدائم، ولا مانع أن تخرج عن مجراها فتسجد، ثم ترجع. قلت: إن أراد بالخروج الوقوف فواضح، وإلا فلا دليل على الخروج، ويحتمل أن يكون المراد بالسجود سجود من هو موكل بها من الملائكة، أو تسجد بصورة الحال، فيكون عبارة عن الزيادة في الانقياد والخضوع في ذلك الحين ".
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك: قوله: " قال ابن العربي: .... إلخ": دل القرآن على مثل ما دل عليه حديث أبي ذر من سجود الشمس؛ وذلك في قوله تعالى:"ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب"، كما دلت الآية على أن سجود هذه المخلوقات غير دلالتها بلسان الحال وصورة الحال على ربوبيته تعالى؛ إذ لو كان سجودها هو دلالتها على الخالق سبحانه أو تسخيرها وانقيادها للقدرة لما خص ذلك بكثير من الناس ونفاه عن كثير- وهم الذين حق عليهم العذاب - فإن الدلالة على الخالق سبحانه والانقياد لقدرته حاصلتان في جميع الناس وجميع المخلوقات، فالواجب إثبات سجود الشمس وما ذكر معها في الآية، وأنه سجود حقيقي يناسب هذه المخلوقات ولا يعلم العباد كيفيته، فإنكاره رد لما أخبر الله به ورسوله، وصرفه عن ظاهره لا موجب له، ولا دليل عليه، فإن هذه المخلوقات لها شعور بالعبودية لله تعالى تسبح وتسجد وتؤوب وتخشى كما قال تعالى:"وإن منها لما يهبط من خشية الله"، وقال تعالى:"ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه". وقال:"وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم".