١٦١ – قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (١٣/ ٤٩١): "والمذهب الحق أن لا جبر ولا قدر".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب ٤٠.
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك: قوله: "والمذهب الحق أن لا جبر ولا قدر": المراد بهذا نفي مذهب الجبرية ومذهب القدرية في أفعال العباد. ولا ريب أن في كلا المذهبين حقًا وباطلاً؛ فقول الجبرية إن أفعال العباد مخلوقة لله حق، ونفيهم لقدرة العبد ومشيئته وإضافة أفعاله إليه حقيقةً باطل، وقول القدرية: إن أفعال العباد هي أفعالهم حقيقة، وإنها واقعة منهم بقدرة منهم ومشيئة حق، ونفيهم أن تكون مخلوقة لله تعالى ولا واقعة بمشيئته، بل بمحض مشيئة العبد باطل.
وكذلك قول الأشاعرة: إن أفعال العباد خلق لله، وكسب من العباد. ومعنى أنها كسب: أن الله تعالى يخلقها عند قدرتهم لا بقدرتهم؛ فلا أثر لقدرتهم في أفعالهم وما العلاقة بينهما إلا الاقتران. وهذا راجع إلى مذهبهم في الأسباب، وهو نفي تأثيرها في مسبباتها. وفيما قالوه في أفعال العباد حق وباطل؛ فإثباتهم خلق الله لأفعال العباد وإثباتهم لقدرة العبد حق، ونفي أن تكون أفعالاً لهم حقيقة، ونفي تأثير قدرتهم فيها وتعبيرهم عن حدوثها عند قدرتهم بالكسب باطل.
وبهذا يتبين أن ما ذكره الحافظ عن الكرماني أو غيره هو مذهب الأشاعرة. ومذهب أهل السنة والجماعة أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، وهي أفعال لهم حقيقة واقعة بقدرتهم ومشيئتهم، والله خالقهم، وخالق مشيئتهم وقدرتهم وأفعالهم، وأنه لا مشيئة لهم إلا بعد مشيئته سبحانه كما قال تعالى:"وما تشاءون إلا أن يشاء الله".