١٦٤ - قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (١٣/ ٤٩٧): "قال ابن بطال: غرض البخاري الفرق بين وصف كلام الله تعالى بأنه مخلوق وبين وصفه بأنه محدث ... إلى أن قال: فإذا لم يجز وصف كلامه القائم بذاته تعالى بأنه مخلوق لم يجز وصفه بأنه محدث ...
قلت: والاحتمال الأخير أقرب إلى مراد البخاري؛ لما قدَّمت قبل أن مبنى هذه التراجم عنده على إثبات أن أفعال العباد مخلوقة، ومراده هنا الحدث بالنسبة للإنزال".
وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب ٤٢.
ــ التعليق ــ
قال الشيخ البراك: قول ابن بطال: "غرض البخاري الفرق بين وصف كلام الله تعالى بأنه مخلوق وبين وصفه بأنه محدث ... ": لا شك أنه أقرب مما رجحه الحافظ في آخر الكلام بقوله: "ومراده هنا الحدث بالنسبة للإنزال"؛ أي أن المحدث هو الإنزال لا كلام الله تعالى. بل هذا بعيد عن مراد البخاري في الترجمة وما اشتملت عليه. والصواب أن مراد البخاري هو إثبات قيام الأفعال الاختيارية به سبحانه، وأن كلامه من أفعاله التي يحدثها بمشيئته سبحانه؛ ولهذا قال رحمه الله تعالى:"وأن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين"؛ أي إحداثه لما شاء لا يشبه إحداث المخلوقين لأفعالهم لأن إحداثه فعل قائم به فهو من صفاته الفعلية. وتعقُّبْ ابن بطال البخاري في وصف القرآن بأنه محدث وتأويلاته للآية مبني على مذهب الأشاعرة في كلام الله تعالى؛ وهو أنه معنى نفسي قديم لا يكون بمشيئته؛ فهو صفة ذاتية له كحياته، وهو خلاف مذهب أهل السنة والجماعة في كلام الله تعالى.
انظر التعليق السابق في تفصيل مذهب أهل السنة في ذلك (١٦٣).
ودعوى ابن بطال أن المحدث والمخترع والمنشأ والمخلوق مترادفة ممنوعة.