للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٥٢ - قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ٨/ ٥٩٦ قال: " واختلف في المراد في القدم .. ، وقيل: المراد بالقدم الفرط السابق .. وقيل: المراد بالقدم قدم بعض المخلوقين. أو المراد بالقدم الأخير .. حتى يضع الرب فيها موضعًا .. وأنه يجعل مكان كل واحد منهم واحدا من الكفار بأن يعظم حتى يسد مكانه ومكان الذي خرج، وحينئذ فالقدم سبب للعظم المذكور .. قال: المراد بالقدم قدم إبليس .. يكون المراد بالرجل إن كانت محفوظة الجماعة .... ".على حديث (٤٨٤٨)

ــ التعليق ــ

قال الشيخ البراك: لم يختلف أهل السنة والجماعة في المراد بالقدم المذكور في الحديث؛ فالقدم عندهم هو قدم الرب سبحانه، والرجل كذلك؛ فالله تعالى موصوف بأن له قدمًا ورجلاً كما جاء في الحديث الصحيح، وكما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في الكرسي أنه موضع قدمي الرب سبحانه. وقول أهل السنة في القدم لله تعالى كقولهم في العينين واليدين والوجه؛ وهو الإثبات لحقائقها اللائقة به سبحانه، وأنها لا تماثل صفات المخلوقين، ولا يعلم العباد كنهها؛ فمعانيها معلومة وكيفياتها مجهولة. ويقولون في النصوص الواردة فيها: أمروها كما جاءت بلا كيف؛ ومرادهم الإيمان بها، وبما تدل عليه من إثبات الصفات من غير تفسير لها بما يخالف ظاهرها، وهو التأويل المذموم الذي حقيقته التحريف.

والحافظ عفا الله عنه أكثر من نقل أقوال الشراح في تأويل القدم والرجل، وكلها أقوال مخالفة لظاهر الحديث ولمذهب السلف. ومبناها كلها على أنه ليس لله قدم حقيقة، كما أنه ليس له يدان حقيقة، ولا عينان حقيقة، ولا وجه، وهو مذهب المعطلة من الجهمية ومن تبعهم في تعطيل الصفات كلها أو بعضها، وليت الحافظ رحمه الله تعالى ضرب عن هذه الأقوال صفحًا؛ لأنها مخالفة كلها لظاهر الحديث، والمقصود منها دفع ظاهر الحديث - وهو إثبات القدم لله حقيقة - وهو مستحيل على الله عند النفاة؛ لأن ذلك بزعمهم يستلزم التشبيه، ولكن الحافظ ذكر أن مذهب السلف هو إمرار الحديث على ظاهره دون التعرض لتأويله.

ويظهر من سياق كلامه ترجيح هذه الطريقة. والغالب أن الحافظ يريد بطريقة السلف: التفويض في معاني النصوص لا إثبات ما تدل عليه من الصفات، فترجيحه لطريقة السلف لا يدل على أنه يثبت القدم لله حقيقة؛ يدل على ذلك قوله: (بل نعتقد استحالة ما يوهم النقص على الله).

وعند النفاة إثبات كل هذه الصفات نقص، فإضافتها إلى الله تعالى في هذه النصوص يوهم النقص عندهم، فيوجبون نفي ظاهرها، ثم يوجبون فيها:

إما التفويض، وإما التأويل مع اعتقاد أن ظاهرها غير مراد. وهو مخالف لمذهب السلف كما أسلفنا.