بولاق قديمًا عندما كان فيها أساطين المصححين، أمثال الشيخ محمد قطة العدوي والشيخ نصر الهوريني، وفي بعض المطابع الأهلية كمطبعة الحلبي والخانجي.
وشيء نادر عني به بعض المستشرقين في أوربة وغيرها من أقطار الأرض، يمتاز عن كل ما طبع في مصر بالمحافظة الدقيقة - غالبًا - على ما في الأصول المخطوطة التي يطبع عنها مهما اختلفت، ويذكرون ما فيها من خطأ وصواب، يضعونه تحت أنظار القارئين، فرب خطأ في نظر مصحح الكتاب هو الصواب الموافق لما قال المؤلف، قد يتبينه شخص آخر عن فهم ثاقب أو دليل ثابت.
وتمتاز طبعاتهم أيضًا بوصف الأصول التي يطبعون عنها وصفًا جيدًا، يظهر القارئ على مبلغ الثقة بها أو الشك في صحتها؛ ليكون على بصيرة من أمره.
وهذه ميزة لن تجدها في شيء مما طبع بمصر قديمًا، بلغ ما بلغ من الصحة والإتقان فها هي الطبعات الصحيحة المتقنة من نفائس الكتب المطبوعة في بولاق، أمثال: الكشاف والفخر والطبري وأبي السعود وحاشية زادة على البيضاوي، وغيرها من كتب التفسير، وأمثال البخاري ومسلم والترمذي والقسطلاني والنووي على مسلم والأم للإمام الشافعي وغير ذلك من كتب الحديث والفقه، وأمثال لسان العرب والقاموس والصحاح وسيبويه والأغاني والمزهر والخزانة الكبرى والعقد الفريد، وغيرها من كتب اللغة والأدب،