وأمثال تاريخ ابن الأثير وخطط المقريزي ونفح الطيب وابن خلكان وذيله والجبرتي وغيرها من كتب التاريخ والتراجم، إلى غير ذلك مما طبع من الدواوين الكبار ومصادر العلوم والفنون، أتجد في شيء من هذا دليلًا أو إشارة إلى الأصل الذي أخذ عنه؟ !
وأقرب مثل لذلك [كتاب سيبويه] طبع في باريس سنة ١٨٨١ م (توافق سنتي ١٢٩٨، ١٢٩٩ هـ)، ثمَّ طبع في بولاق في سنتي ١٣١٦ - ١٣١٨ هـ وتجد في الأولى اختلاف النسخ تفصيلًا بالحاشية، ومقدمة باللغة الفرنساوية فيها بيان الأصول التي طبع عنها، ونص ما كتب عليها من تواريخ وسماعات واصطلاحات وغير ذلك حرفيًّا باللغة العربية، ثم لا تجد في طبعة بولاق حرفًا واحدًا من ذلك كله، ولا إشارة إلى أنها أخذت عن طبعة باريس.
فكان عمل هؤلاء المستشرقين مرشدًا للباحثين منا المحدثين، وفي مقدمة من قلدهم وسار على نهجهم العلامة الحاج أحمد زكي باشا رحمه الله، ثم من سار سيرته واحتذى حذوه.
ومن ذلك كانت طبعات المستشرقين نفائس تقتنى وأعلاقًا تدخر، وتغالى الناس وتغالينا في اقتنائها على علو ثمنها، وتعسر كثير منها على راغبيه.
ثم غلا قومنا غلوًّا غير مستساغ في تمجيد المستشرقين، والإشادة بذكرهم، والاستخذاء لهم، والاحتجاج بكل ما يصدر عنهم من رأي: خطأ أو صواب، يتقلدونه ويدافعون عنه، ويجعلون قولهم فوق