أن يكون ممن يعلنون اتباع المستشرقين، والاقتداء بهم والاهتداء بهديهم، وعلى أن يكون ممن درسوا وتعلموا باللغات الأجنبية، حتى فيما كان من العلوم إسلاميًّا وعربيًّا خالصًا، وعلى أنه إذا عهد لأجنبي ومصري بعمل واحد: كان الاسم كله للأول، والثاني تابع، ولعله أن يكون الثاني أرسخ قدما فيما عهد إليهما، على قاعدة "علمه وأطع أمره"! !
وما كان هذا الذي نصف خاصًّا بالعمل في الكتب وحدها، وإنما هي ذلة ضربت على المسلمين في شأنهم كله، عن خطط تبشيرية ثم استعمارية، رسمت ونفذت، في كل بلد من بلدان الإسلام، وليس المقام مقام تفصيل ذلك، ولكنا نعود إلى ما نحن بسببه من تصحيح الكتب.
لم يكن هؤلاء الأجانب مبتكري قواعد التصحيح، وإنما سبقهم إليها علماء الإسلام المتقدمون، وكتبوا فيها فصولا نفيسة، نذكر بعضها هنا، على أن يذكر القارئ أنهم ابتكروا هذه القواعد لتصحيح الكتب المحفوظة؛ إذ لم تكن المطابع وجدت، ولو كانت لديهم لأتوا من ذلك بالعجب العجاب، ونحن وارثوا مجدهم وعزهم، وإلينا انتهت علومهم، فلعلنا نحفز هممنا لإتمام ما بدؤوا به.