فقال: يا رسول الله أهلُك ولا نعلم عنهم إلا خيرًا، وأما علي فقال: لم يضيّق الله عليك والنساء سواها كثير، واسأل الجارية تصْدُقك. فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة، فقال: أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك؟ قالت [بريرة](١): لا والذي بعثك بالحق". إلى آخر الحديث. و"بريرة" بفتح الباء: أمة كانت بالمدينة اشترتها عائشة وأعتقتها فكانت مولاتها. فعلَّق الأستاذ الأفغاني هنا في الهامش بما نصه: "كون الجارية بريرة: وهمٌ قد نبه عليه الإمام الزركشي قال: تنبيه جليل على وهمين وقعا في حديث الإفك في صحيح البخاري: أحدهما؛ قول علي:"وسل الجارية تصدقك". فدعا رسول الله بريرة ... إلخ. وبريرة إنما اشترتها عائشة وأعتقتها بعد ذلك. ويدل عليه أنها لما أعتقت واختارت نفسها، جعل زوجها يطوف وراءها في سكك المدينة ودموعه تتحادر على لحيته، فقال لها - صلى الله عليه وسلم -: "لو راجعتيه". فقالت: أتأمرني؟ فقال:"إنما أنا شافع". فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا عباس ألا تعجب من حب المغيث لبريرة وبغضها له! " والعباس إنما قدم المدينة بعد الفتح. والمخلص من هذا الإشكال: أن تفسير الجارية ببريرة مدرج في الحديث من بعض الرواة، ظنًّا منه أنها هي. وهذا كثيرًا ما يقع في الحديث من تفسير بعض الرواة، فيظن أنه من الحديث. وهو نوع غامض لا ينتبه له إلا الحذاق". فهذا أيضًا من "النقد الداخلي" وإن كان نقدًا غير صحيح، ولم يكن الزركشي بابن