بجدته، وإن ظن الأستاذ الأفغاني ذلك، إنما قلد فيه الإمام الحافظ ابن القيم، كما أثبت ذلك الحافظ ابن حجر في (فتح الباري شرح البخاري ج ٨ ص ٣٥٨ من طبعة بولاق) وكلام ابن القيم في هذا في كتابه (زاد المعاد ج ٢ ص ١١٦ من طبعة المطبعة المصرية) وابن القيم، على علمه وجلالة قدره، لم يستطع الجزم بهذا النقد كما استطاعه الزركشي، وإنما ساقه إشكالًا نسبه إلى مبهم، ثم قال:"وهذا الذي ذكره إن كان لازمًا فيكون الوهم من تسمية الجارية بريرة، ولم يقل له علي: سل بريرة. وإنما قال: فسل الجارية تصدقك. فظن بعض الرواة أنها بريرة فسماها بذلك، وإن لم يلزم، بأن يكون طلب مغيث لها استمر إلى بعد الفتح ولم ييأس منها، زال الإشكال". وليس في الأمر إشكال، إنما هو اعتراض عن انتقال نظر، حكاه العلامة ابن القيم وأجاب عنه إجابة مجملة، فجزم به الزركشي وجعله من دقائق العلم التي لا يتنبه لها إلا الحذاق! وأعجب به الأستاذ الأفغاني أيما إعجاب. ولو كان المدرج في الحديث، أي؛ المزاد، اسم "بريرة" وحده لكان الأمر قريبًا، ولكن في لفظ الحديث أن رسول الله قال لها "أي بريرة" فنادها باسمها، والإدراج في مثل هذا قد ينافي الثقة بالراوي، والحديث رواه أئمة كبار، الزهري يحدث به عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيَّب وعلقمة بن أبي وقاص وعبيد الله بن عبد الله، ثم يرويه عن الزهري الثقات الأثبات من أصحابه! فنسبة هذا الوهم إليهم ليست مما يقبل على علاته، وبريرة لم تظهر في المدينة فجأة حتى ينكر المعترض