وجودها حين وقعت قصة الإفك. وإنما كان الذي بعد الفتح بعد أن جاء العباس بن عبد المطلب إلى المدينة هو شراء عائشة إياها وعتقها لها، فإن بريرة جاءت إلى عائشة فقالت:"إن أهلي كاتبوني على تسع أواق في تسع سنين كل سنة أوقية، فأعينيني". فقالت لها عائشة:"إن شاء أهلك أن أعدلها لهم عدةً واحدة وأعتقك ويكون الولاء لي فعلتُ". (صحيح مسلم ج ١ ص ٤٤٠ طبعة بولاق) فهذه جارية مكاتبة، أي؛ باع سادتها نفسها لها، تعمل وتؤجر، حتى تجمع الثمن الذي اتفقوا عليه، فإذا أدته إلى سادتها ملكت نفسها وعتقت. فأين في الحديث ما يدل على أنها حين وقعت قصة الإفك كانت مملوكة عائشة أو عتيقتها؟ أليس الأقرب أنها كانت تمتهن الخدمة في البيوت تسعى في جمع بدل المكاتبة، ومن القريب جدًّا أن تكون ممن يخدم السيدة عائشة في بيتها وتكثر، حتى لتقع في نفس عائشة فتشتريها من أهلها وتعتقها!
وقد بذل الأستاذ سعيد الأفغاني جهدًا مشكورًا في تصحيح هذا الجزء، ويبدو لي أن النسخة التي وقعت له لم تكن أصلًا جيدًا، فعانى كثيرًا من المشقة في تصحيحه، ولست أدري آلخطأ الكثير من الناسخ الذي نسخ في السمن أم من أصل النسخة؟ وليت الأستاذ الأفغاني رجع في تصحيح بعض الأحاديث إلى مواطنها من كتب السنة المعروفة، وهي في متناول اليد، فإني رأيته - مثلًا - غير في إسناد حديث عائشة عن قصة الإفك كلمة "عن" فجعلها "من" وذكر ذلك في هامش الصفحة، ظنًّا منه أن ما كان في الأصل خطأ (ص ٣٣)