كانوا سادة بعقولهم وقلوبهم، قبل أن يكونوا سادة بقوتهم وأَنَفَتهم وجمع كلمتهم.
وهو الذي قرر حقوق الإنسان في الأرض، من عدل وحرية ومساواة بين الناس، لا فضل لأحد على أحد إلا باتباعه في خاصة نفسه وفي معاملاته مع غيره وفي كل حالاته.
ثم مرت عصور وأزمان، وإذا المسلمون متفرقون، وإذا هم مستعبَدون، وإذا لهم قوانين وتشريع أخذوه عن أعدائهم السابقين، وإذا هم لا يخجلون أن يقلدوا مَن كانوا في الحضيض، إذ هم في الذروة، وإذا هم يهجرون القرآن. ولقد صدق الله سبحانه حين أخبرنا تحذيرًا لنا من أن نُعرِض عن كتابه، بأن الرسول الأعظم سيد الخلق - عليه السلام - سيشكونا إلى ربه: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (٣٠)}. [الفرقان: ٣٠].
تالله لو أن المسلمين رجعوا إلى هداية ربهم وعملوا بكتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - إذ أمره ربه بتبيين الكتاب لهم لما كانوا على ما نرى من ضعف واستكانة وذلة، ولما امتلأت قلوبهم رهبة لأعدائهم، ونفوسهم حاجة إليهم.
أخذ الصدر الأول والسلف الصالح - رضي الله عنهم - يتعلمون القرآن ويعلمونه للناس، ويرجعون إليه فيما يعرض لهم من شؤون وحوادث، لا يرضون حكمًا في دينهم ودنياهم إلا ما دل عليه القرآن أو جاء عن السنة المطهرة المفسِّرة له، نزولًا على حكم الله، فكان