(أخرج أبو نعيم في الدلائل والخطيب وابن عساكر بسند حسن عن عائشة قالت: كنت قاعدة أغزل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخصف نعله، فجعل جبينه يعرق، وجعل عرقه يتولد نورًا، فبهت، فقال:"مالك بهت؟ "
قلت: جعل جبينك يعرق، وجعل عرقك يتولد نورًا, ولو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بشعره حيث يقول:
ومبرأ من كل غبر حيضة ... وفساد مرضعة وداء مغيل
وإذا نظرت إلى أسرة وجهه ... برقت بروق العارض المتهلل
وهذه الرواية نقلها البغدادي في خزانة الأدب (ج ٣ ص ٤٧٣) عن السيوطي، وذكر قبل ذلك ص ٤٦٩، أن البيتين من أبيات لأبي كبير في حماسة أبي تمام، وفي الشعراء لابن قتيبة، وأنهما من قصيدة طويلة في أشعار الهذليين، ونقل بعض المؤلفين القصة أيضًا فاختصرها ولم يزد عليها، فإن الاختصار إذا لم ينقص أصل المعنى جائز، وأما الزيادة فلا تجوز؛ لأنها في عرف المحدثين، تكون من باب الوضع؛ إذ هي تنافي الصدق، فنقلها عماد الدين يحيى بن أبي بكر العامري في كتاب (بهجة المحافل ج ٢ ص ١٨٦) بلفظ: (وقالت عائشة: بأبي وأُمي أنت، لو رآك الشاعر لعلم أنك أحق بقوله). وذكر بيتي أبي بكر الهذلي على الصواب.
وكذلك فعل الشيخ حسين عبد الله باسلامه عضو مجلس الشورى بمكة، فنقلها كما نقلها العامري مختصرة في كتاب (حياة سيد العرب) المطبوع بجدة سنة ١٣٥٣ (ج ٤ ص ٢٠٦)