الشاهد منه في موقعه) في حياة رسول الله تخاطبه به! !
وقد تعب أئمة الحديث ومؤرخو الرجال في التنقيب عن تراجمهم، وحصر ما أمكنهم حصره، وتركوا لنا ثروة ضخمة من العلم الغزير لا يضيعه ولا ينقضه غضبة من الكاتب الجريء يدفع بها خطأه، ولم يذكر أحد منهم قط أن عروة كان صحابيًّا، وإنما ذكروه في التابعين، بل إن الحافظ ابن حجر لم يذكره في (الإصابة) في الأطفال الذين ولدوا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأين العقاد من هؤلاء العلماء؟
لقد غضب العقاد إذ ظننت له أنه نقل قصته من كتب السمر، وليت ظني كان صادقًا، إذن لكان أكرم له وأجدر به، ولكان كل خطئه أنه اعتمد على رواية تحمل دليل بطلانها في نصها، وأنه قصر في البحث عن ترجمة عروة في أي مصدر من مصادر التاريخ الجمة بين يديه، وما طالبناه قط بأن يعرف الزيف من الصحيح من روايات الحديث والأثر، فما هو بسبيل هذا، وما هو من عمله ولا من فنه، ولم يزعم أحد قط أن العقاد درس علوم الحديث أو عرف منها شيئًا.
أما الذي تبين لنا من صنيعه بعد ذكره المصدر الذي قيل له: إن النص موجود فيه، وبعد أن ذكر لنا نص مصدره ونص مصادر أُخر، فليس هذا من صنيع أهل العلم بالحديث، ولا هو من عمل الثقة في الرواية والنقل، ولو قرأ العقاد شيئًا من علم مصطلح الحديث لعرف
= أصر على صحة دعواه إلَّا أن يكذب البخاري، أو يدعي أن وقعة اليرموك كانت في حياة رسول الله! ! وكلاهما ليس بالكبير على الكاتب الجريء.