ولم يعن أبو فراس بجمع ديوان لشعره، شغلًا بما اضطلع به من جلائل الأمور في الحرب والسياسة، وإنما كان يلقيه إلى أستاذه ابن خالويه (الحسين بن أحمد الإِمام النحوي اللغوي المقرئ، المتوفى بحلب سنة ٣٧٠)، ويحظر عليه نشره، فلما قتل أبو فراس في جمادى الأولى من سنة ٣٥٧ جمع أستاذه ما ألقاه إليه، وشرحه، وقدم لكثير من قصائده بمقدمات تاريخية تشرح مناسبة القول والغرض فيه، ويقول ابن خالويه في مقدمة الديوان (ص ٢): "وما زال رحمه الله إيجابًا لحق الأدب، ورعاية للصحبة، وعلمًا بأهل المحافظة، يلقي إلي دون الناس شعره، ويحظر عليّ نشره، حتى سبقتني وإياه الركبان، فجمعت منه ما ألقاه إليَّ، وشرحته من مزيد أخباره في الأيام المذكورة فيه، بما أرجو أن يقرنه الله عَزَّ وَجَلَّ بالصواب والرشاد، بمنه وطوله، وقوته وحوله".
وقد بلغ عدد المخطوطات من ديوان أبي فراس، التي وقعت للدكتور الدهان واعتمدها في إخراجه وتحقيقه ٣٢ مخطوطة، غير يتيمة الدهر، ومصادر التاريخ والأدب التي فيها شعر أبي فراس، وقد صنف هذه المخطوطات إلى أربع طوائف، بتقارب روايات كل طائفة، وتشابهها في عدد القصائد والأبيات، وفي الشروح، واتحادها في الخطأ والصواب. فالطائفة الأولى ٦ نسخ، والطائفة الثانية ٨ نسخ، والطائفة الثالثة نسختان، والطائفة الرابعة ١٦ نسخة، وتختلف هذه النسخ في عدد القصائد وعدد الأبيات اختلافًا واسع المدى.