المترجم، فنعرف ما أخذ أحدهما عن سلفه، بعد أن عرفنا أنه أخذ منه اسم الكتاب "حياة محمَّد"، وإن كان الكتابان - فيما يبدو لنا - متباينين، وسنرى في ذلك رأينا إن شاء الله.
وكان فيما قرأنا من هذه الكتب، "كتاب الصديق أبو بكر" فأعجبنا منه حسنُ سرده للحوادث، والعناية بعرضها عرضًا جيدًا مشوّقًا. وأبين مزاياه قوةُ المؤلف ومقدرته في تلخيص الروايات وجمعها، وفي الاقتباس والتضمين، حتى ليبدوَ الكلام نسقًا متقاربًا، فإذا ما تأمله العارف وضح له الفرق بين الكلام المقتبس والكلام المؤلَّف، وقد استيقنّا من ذلك في مواضع كثيرة، قارنّا فيها قصَّهُ للوقائع إلى نصوص الأقدمين من المؤرخين وخصوصًا ابن جرير الطبري.
ولهذه الطريقة الطريفة فائدة نحرص عليها، أن يمرن القارئون المحدثون على قراءة النصوص العالية القوية البليغة، التي تحدث بها الفصحاء والبلغاء من الرواة والمؤرخين السابقين، مما كاد يهجره أهل هذا العصر.
وكان لنا على كتابه هذا مآخذ، بعضها هيّن، لا يغض من قيمته، وبعضها خطير. وأخطرها - فيما أرى - وأبعدها مدًى في الإبطال، صنيعه فيما كان بين خالد بن الوليد ومالك بن نويرة، وحبه الإتيان بما لم يأت به الأوائل في الدفاع عن خالد، فجاء