أفرأيتم هذا يلائم تلك الرواية: أن أبا بكر عهد إلى أبي قتادة ومن معه من الأنصار عهدًا خاصًّا لا يعلمه أميرهم خالد؟ ! وأين احتجاج أبي قتادة بأنه إنما صنع هذا طاعة للعهد الخاص به، وماذا يكون جواب أبي بكر إن حجَّهُ أبو قتادة بما عهد إليه به؟ !
ولست أدري لماذا أعرض المؤلف عن هذا النص القاطع أيضًا؟ إلَّا أن يكون يسوقُ الروايات والأخبار كما يحب ويَرى!
ثم قصَّ المؤلف قصة مقتل مالك بن نويرة، وتزوج خالد أو تسرّيه امرأة مالك بعد قتله، وحكى الروايات المتضاربة التي وردت في ذلك، ويطول القول لو أردنا أن نفصل ما فصلهُ أو نجملهُ. ولكن الثابت من مجموع الروايات أن ضرار بن الأزور الأسديّ قتل مالكًا، فبعضها يجعل هذا القتل عن خطأ في فهم اللغة! تزعم الرواية؛ أن خالدًا أمر مناديًا فنادى "دافئوا أسراكم. وكان في لغة كنانة إذا قالوا: دافأنا الرجل وأدفئوه. فذلك معنى اقتلوه، وفي لغة غيرهم أدفئوه من الدفء، فظنَّ القوم أنهُ يريد القتل، فقتلوه. فقتل ضرار بن الأزور مالكًا"(عن الأغاني ١٤: ٦٥، والطبري ٣: ٢٤٢). وهذه رواية باطلة، تشبه أن تكون من خيالات الأدباء وفكاهاتهم، وبطلانها ظاهر من أول سياقها؛ فإنها تبدأ بأن الخيل جاءَت إلى خالد "بمالك بن نويرة وفيهم أبو قتادة، وكان ممن شهد أنهم أذنوا وأقاموا وصلوا، فلما اختلفوا فيهم أمر بحبسهم" وقد بيّنا فيما مضى من قبل أن الأذان وإقام الصلاة مع منع الزكاة لا يحقن الدم ولا يمنع من الحكم عليهم