وفي رواية لصاحب الخزانة (١: ٢٣٧ طبعة بولاق) من رسالة لأبي رياش أحمد بن أبي هاشم القيسي، أن أبا بكر بعث خالد بن الوليد "وأمره أن لا يأتي الناس إلَّا عند صلاة الغداة، فمن سمع فيهم مؤذنًا كفَّ عنهم، ومن لم يسمع فيهم مؤذنًا استحلهم، وعزم عليه ليقتلن مالكًا إن أخذه" وإن خالدًا لما أخذ مالكًا قال له: "يا بن نويرة هلمَّ إلى الإِسلام. قال مالك: وتعطيني ماذا؟ قال: ذمة الله وذمة رسوله وذمة أبي بكر وذمة خالد بن الوليد. فأقبل مالك وأعطاه بيديه، وعلى خالد تلك العزمة من أبي بكر. قال: يا مالك إني قاتلك. قال: لا تقتلني. قال: لا أستطيع غير ذلك. قال: فأت ما لا تستطيع إلَّا إياه. فقدمهُ إلى الناس فتهيبوا قتله، وقال المهاجرون: أتقتل رجلًا مسلمًا! غير ضرار بن الأزور الأسدي من بني كوز، فإنه قام فقتله".
فهذه الروايات وغيرها تدل على أن خالدًا لم يقتل مالكًا إلَّا بعد حوار وجدال، وأنه لم يقتل لخطأ في فهم الأمر بالدفء كما تزعم الرواية الأولى، وإن كان في الرواية الأخيرة ما يفهم منه أن خالدًا أمّن مالكًا وأعطاه الذمة، فيكون قتله بعد ذلك غدرًا, ولكنها لا تدل هي ولا غيرها على أنه عاد إلى الإِسلام وأقر بالزكاة، وهذه الرواية تساير ما روى ابن خلكان وغيره أن متمم بن نويرة جاء إلى أبي بكر يستعديه على خالد ويعتب على أبي بكر، قال ابن خلكان: "فلما بلغه مقتل أخيه حضر إلى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح خلف أبي بكر الصديق، فلما فرغ من صلاته وانفتل في محرابه، قام متمم فوقف